فالنَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ما كان إلَّا من جملة الغافلين عن قصَّة يُوسُفَ وغيرها، قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣)}.
فإخبارُ النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ عن قصَّة يُوسُفَ وباقي القصص الماضية مع أنَّه ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لم يكن حاضِراً تلك القرون الخاليات والرُّسوم الدَّارسات، ولم يكن حاضراً تلك الأمم الغَابِرة الَّتي سَادت ثمَّ بَادَتْ دَلِيلٌ قَاطِعٌ على صدق نبوَّته ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، وعلى ربَّانية القرآن الكريم.
والآيات الَّتي فيها استدلالٌ على نبوَّة سيِّدنا محمَّد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وإثباتٌ لرسالته بدليل إخباره عن القصص الَّتي مضت من مددٍ مديدة، وعهود بعيدة، والجاري الإِخبار عنها مجرى الإِخبار عن الغُيُوبِ، والَّتي لا يمكن معرفتها إلَّا من جهة الوحي كثيرة، نحو قوله تعالى:
فالآيات صريحة في أنَّ هذه القصص على لِسَان النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ إنَّما هي آية من آيات الوحي، وأَمَارة من أمارات النُّبوَّة {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا