للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَأْوَى (٤١)} [النَّازعات] وقال سبحانه: {وَلِمَنْ خَافَ خَافَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرّحمن]

فمن وقاه الله من شرِّ لسانه وفرجه، فقد وقي شرّ الشُّرور، وكان النَّبِيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ضامناً له على الله أن يدخله الجنَّة، ومن خاف مقام ربِّه، وزجر نفسه عن الهوى، كان حقّاً على الله أن يدخله الجنَّة.

العَزِيزُ يخَطِّئ زَوْجَته

وَبَعْدَما تَبَيَّن لِلْعَزِيز الخيط الأبيض من الخيط الأَسْوَد، وَلَم يَعُد هُنَاك مَجَال لِلشكِّ فِي بَرَاءَة يُوسُف وَكذْب امْرَأَتِه، قَال لها ـ وَالْأَسَى يَمْلَأُ القلب ـ: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨)} ثُمَّ تَوجَّه بالخطاب إِلَى يُوسُفَ، وَقَالَ له ـ بِلِسَان الرَّجَاء والالْتِمَاس ـ: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} الْأَمر وَاكْتُمه وَلَا تَذْكُرْه سَتْراً عَلَيْنَا! ويؤخذ من ذلك استحباب السَّتر على المسيء وكراهة إشاعة الذُّنوب بين النّاس.

ثُمَّ تَوجَّه بالخطاب مَرَّة ثاَنِيَة إِلَى امرأته، وَقَال لها ـ عَلَى وَجْه النُّصح والتَّوبِيخ ـ: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ} فَالله تَعَالى يَقُول: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١١)} [النِّساء]، ثُمَّ قَالَ لها: {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (٢٩)} من المتعمِّدين للخطأ، وَالله تَعَالَى يقول: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (١١٢)} [النِّساء] لذلك وَجَبَ عليك الاستغفار والتَّوْبَة النَّصُوح.

لكنَّ هَذا النُّصحَ والتَّخْطِيء والتَّوبِيخ لَم يَرْدَعْها، وَظلتْ رَاغِبَةً إِلَى يُوسُفَ، وكان الوَاجِبُ على العَزِيز أَنْ يَأْخذَ حِذْرَه، فيعزلها عَن يُوسُفَ أَو يَعْتقَه، ولكن هَذَا الَّذِي حَدَث {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ... (٤٤)} [الأنفال].

<<  <   >  >>