للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتَصدِيرُ القِصَّةِ بِهَذهِ الرُّؤيا كالموجزِ للقِصَّة يُلخِّصُها بإجمال، وكالمقدِّمَةِ والتَّمهيدِ للقِصَّة في أحْسَنِ صُورةٍ وبَيَان.

وقد جَعَلَ اللهُ تلكَ الرُّؤيا بِشَارةً ليُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ بِعِظَمِ شَأنِهِ، وارْتِفَاعِ دَرَجَتِهِ؛ ليتَذَكَّرَها كُلَّما ادلهمَّتِ الأمُورُ، فيطْمَئِنَّ بها قَلبُهُ، وتقرَّ بها عَيْنُهُ، أنَّ عاقِبَتَهُ حَسَنَةٌ، ونهَايتَهُ طيِّبَةٌ.

هَدْيُ النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فِيمَن رَأَى رُؤيا (١)

مَوضُوعُ الرُّؤيا مَوضُوعٌ عَمِيقُ الجُذُورِ، يَحْتَاجُ إلى شَرْحٍ وتَفْسيرٍ، وبَيانٍ وتفْصِيلٍ، والحديثُ فيه يَطُولُ، وليس الكِتَابُ مَوضُوعاً لِبَحثِ ذَلكَ، ويكفِي أنْ نُبيِّنَ هَدْيَ النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فِيمَنْ رأى رُؤيا يُحِبُّها، أو رأى غَيْرَ ذلك مِمَّا يَكرَهُ.

فقد روى البخاري عن أبي سَعِيد الخُدْرِيِّ أنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يَقُولُ: " إذا رأى أحَدُكُم رُؤْيا يُحِبُّها فإِنَّما هِيَ مِنَ الله، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَليْهَا ولْيُحَدِّث بها، وإذا رأى غَيْرَ ذَلِكَ ممَّا يَكْرَهُ، فإنَّما هِيَ من الشَّيطانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِن شَرِّها ولا يَذْكُرْها لأحَدٍ؛ فإنَّها لا تَضُرُّهُ " (٢).

وروى مُسْلِم عن أبي قَتَادَةَ، عن رَسُولِ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أنَّهُ قال: " الرُّؤْيا الصَّالِحةُ مِنَ الله، والرُّؤيا السُّوءُ مِنَ الشَّيطَانِ، فَمَنْ رأى رُؤْيَا فَكَرِهَ مِنْهَا شَيْئاً، فلْيَنْفُثْ عن يَسَارِهِ، ولْيَتَعَوَّذْ بالله مِنَ الشَّيطانِ لا تضُرُّه، ولا يُخْبِر بها أَحَداً، فإنْ رأى رؤيا حَسَنَةً فلْيَبْشِرْ ولا يُخْبِرْ إلَّا مَن يُحِبُّ " (٣).

وَرَوى مُسْلِم عن أبي هُرَيْرَة عن النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، قال: " ... والرُّؤيَا ثلاثَةٌ: فَرُؤيَا الصَّالِحَة بُشْرى من الله، وَرُؤيْا تَحْزِين من الشَّيطان، وَرُؤيا ممَّا يُحَدِّث المَرْءُ نَفْسَهُ، فإِنْ


(١) الرُّؤيا: ما كانت مناماً، والرُّؤية: ما كانت يَقَظةً وعَياناً.
(٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ٦٨) كِتَابُ التَّعبير.
(٣) مُسْلِم "صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٨/ج ١٥/ص ١٩) كتاب الرُّؤيَا.

<<  <   >  >>