للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْبَلَاغُ ... (٤٨)} [الشُّورى] وقوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٢٠)} [آل عمران] وقوله تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (٤٠)} [الرَّعد]. الفرق بين {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} و {مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}

(أَنْزَل) فعل ثلاثيٌّ مزيد بهمزة قطع في أوَّله على وزن (أَفْعَل)، و (نزَّل) فعل ثلاثيٌّ مضعَّف مزيد بحرف من جنس عينه على وزن (فعَّل). وهذه الزِّيادة لها غير معنى، فالزَّائد في اللُّغة ـ صرفاً كان أم نحواً ـ ليس وجوده كعدمه، وإنَّما هو اصطلاح صرفيّ أو نحويّ، له وظيفة يؤدِّيها، وغرض يأتي من أجله، ومعنى يدلُّ عليه، فزيادة المباني تدلُّ على زيادة المعاني.

وقد يَرِدُ (أَفْعَل) و (فَعَّل) في تعبير واحد، لكن المعنى يختلف، ومن ذلك قوله تعالى ـ في سُورَةِ يُوسُفَ ـ: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ... (٤٠)} [يوسف] وقوله تعالى ـ في سورة الأعراف ـ: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ... (٧١)} [الأعراف].

والنَّاظر في سياق الآيتين يدرك الفرق بينهما، والفرق بينهما يتلخَّص في أنَّ (فَعَّل) آكد من (أَفْعَل)؛ ففي سورة يُوسُفَ لم يَرُدَّ الفتيان على يُوسُفَ لمَّا عَرَضَ عليهما التَّوحيد، ولم يجادلاه، قال: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠)} [يوسف] فجاء الفعل (أنزل) لذلك.

بخلاف ما في الأعراف، فقد ردُّوا على نبيِّهم هود، وجادلوه بالباطل: {قَالُوا

<<  <   >  >>