للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرسل على اعتبار ما كان، فالبضاعة كانت لهم، والمعنى هذا ثمن الطَّعام قد رُدَّ إلينا من حيث لا نشعر، أوفى لنا الكيل، وأحسن إلينا، وردَّ لنا الثَّمن! أليس هذا داعياً لأن نوفي له بما طلب؟!

وَعَدا عن ذلك كلِّه {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} فنحن إذا ذهبنا ثانية مع أخينا نأتي بالطَّعام لأهلنا، {وَنَحْفَظُ أَخَانَا} من المكاره، فلا تخش عليه، وكرَّروا حفظ الأخ مبالغةً في الحضِّ على إرساله.

{وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} لأخينا؛ لأن العزيز لا يبيع للشَّخص الواحد إلَّا حمل بعير اقتصاداً وتوفيراً، فباستصحابنا لأخينا نزداد حمل بعير، فإرساله معنا أربح وأجدى.

{ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥)} وسهلٌ على العزيز إعطاؤه؛ لجودِه وبالغِ كرمِه، ومع ذلك فالأمر راجع إليك.

وأولى الأمور بالنَّجاح التِّكرار والإلحاح، فلم يبرحوا يجادلون أباهم جدال طَلَب، وهو يجادلهم جدال إباءٍ وامتناع، حتَّى نزل عند رغبتهم مشترطاً عليهم لإرساله معهم أن يُعاهِدوه على إرجاعه له سالماً، ففعلوا.

الإِخوة يَقطَعُونَ المواثيق على أنفسِهم

{قَالَ} يعقوب ـ - عليه السلام - ـ: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} أي لن أرسِلَ أخاكم مَعَكُم إلى مِصْرَ حتَّى تعطوني عهداً مؤكَّداً باليمين بإشهاد الله تعالى، وهو الحلف به، {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} ولترجعنَّهُ لي على أيِّ حالٍ كنتم؛ إلَّا في حالةٍ واحدة، وهي {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} أن تهلكوا عن آخركم بقدر واقع، ما له من دافع.

<<  <   >  >>