للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أشهر المعاني الَّتي يحتملها لفظ الضَّلال في القرآن الضَّلال في الدِّين، ومنه قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} [الفاتحة] وقوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١)} [الصَّافات] وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)} [يس].

ويأتي الضَّلال بمعنى الغيبة، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ... (١٠)} [السَّجدة] أي خفينا وغِبْنا فيها وصرنا تراباً في ترابٍ، وقال تعالى: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)} [طه] أي لا يفوته ولا يغيب عنه.

ويأتي بمعنى البطلان والضَّياع والهلاك، قال تعالى: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)} [الكهف] أي بطل وضاع وهلك عملهم، وقال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧)} [القمر] أي في هلاك.

ويأتي بمعنى النِّسيان، قال تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ... (٢٨٢)} [البقرة] ويأتي بمعانٍ أُخر، وهذا يُعْرَفُ بالوجوه والنَّظائر، وسيأتي تحريره وبيانه.

الشُّرُوعُ في المؤامَرَةِ

وَبَعْدَ اتِّفاقِهم على إبعاده وإلقائه، دَخَلُوا على أبيهِم يَعْقُوبَ ـ - عليه السلام - ـ، وهُم يُخْفُونَ الخَدِيعَةَ وسُوءَ النِّيَّةِ، وَبِلِسَانِ العَجَبِ وبِلُغَةٍ فِيها سِحْرٌ وَدَهَاءٌ، قالوا لأبِيهِم ـ وقَد عَرَفُوا أنَّه قَد أوْجَسَ مِنْهُم خِيفَةً على يُوسُفَ لِمَا أحَسَّهُ مِنْهُم مِمَّا اسْتَدْعَى ألَّا يأْمَنَهُم عَلَيهِ ـ: {قَالُوا يَاأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} أيُّ شيء حَدَثَ حتَّى تَخَافَنا

<<  <   >  >>