للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦)} [آل عمران]

فمهما بلغت شرور الإخوة فالحاجة إلى التَّقوى في التَّعامل معهم آكد، أمَّا الأعداء فشرورهم أعظم، ومكائدهم أدهى وأمرّ، فالحاجة إلى الصَّبر في التَّعامل معهم آكد وأهمّ.

فسبحان الّذي أنزل القرآنَ بأعجب أسلوب، وسَلكه ينابيعَ في القلوب {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦)} [الفرقان]، {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (١٠٢)} [النَّحل].

تَواضُعُ الأنبياء

ممَّا يدلُّ على تواضع يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ أنَّه {قَالَ أَنَا يُوسُفُ} ولم يَقُل: أنا عزيز مِصْر، ولم يقل: أنا والٍ على خزائن الأرض، ولم يقل: أنا أتبوَّأ في أرض مِصْر حيث أشاء ... وإنَّما {قَالَ أَنَا يُوسُفُ} هكذا بعيداً عن الكِبْر.

وهذا يُذَكِّر بتواضع الأنبياء، قال النَّبِيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ " أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ الله وَرَسُوله هَاجَرْتُ إِلَى الله وَإِلَيْكُمْ، فَالمحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالممَاتُ مَمَاتُكُمْ (١) " وكتب ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ إلى هِرقل: "بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى ... " (٢)


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٦/ج ١٢/ص ١٣٣) كتاب الجهاد والسّير.
(٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ١/ج ١/ص ٦) كتاب بدء الوحي، ومسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٦/ج ١٢/ص ١٠٧) كتاب الجهاد والسّير.

<<  <   >  >>