إخوتي. كأنَّه يشير إلى طرف من العتاب، فما فعلوه به ليس من عمل الإخوة {قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} بالاجتماع بعد الفرقة، والفرح بعد الحزن.
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠)}، وما ترونه الآن هو ثمرة التَّقوى، وجنى الإحسان، ونتيجة الصَّبر، وقد قيل:" مَن يتَّق مولاه، ويصبر على بلواه، لا يضيع أجره في دنياه وعقباه ".
ولست وحدي، بل كلّ مَنْ يتقي الله ويصبر يدخل في عداد المحسنين الَّذين لا تضيع أجورهم، فالتَّقوى هي البَقْوى، والصَّبر عواقبه الجبر، والصَّبر مفتاح الفرج ونِصْف الإِيمان، و {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠)} [الرّحمن].
[ما الإحسان؟!]
تكرَّر ذِكْرُ الإحسان في سُورةِ يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ، حتَّى صارت كأنَّها سُورة الإحسان، قال تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢)} وقال: {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)} وقال: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)} وقال تعالى: {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨)} وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠)}.
وكلُّها وردت في حقِّ يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ، وقد ورد في حقِّه وحقِّ أبيه يعقوب ـ عليهما السَّلام ـ إشارة إلى علوِّ مقامهما في الإحسان في سورة الأنعام، قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)} [الأنعام].