{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦٨)} ما عُلِّمَهُ يعقوب ـ - عليه السلام - ـ من الجمع بين الأخذ بالأسباب والتَّوكُّل.
يُوسُفُ يُعَرِّفُ أخاه به ويتَّخِذُ التَّدابير لإبقائه عنده
{وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ} أي ولمَّا وَفَدُوا على يُوسُفَ ودخلوا عليه {آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} ضَمَّ إليه أخاه الشَّقيق في مجلس خاصّ.
{قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩)} صارحه أنَّه أخوه يُوسُفُ، وطلب منه ألَّا يحزن ولا يتألَّم ولا يأسف على ما كانوا يفعلون؛ فقد قُدِّر عليهم أن يفعلوا ما فعلوه، {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ... (٨)} [فاطر] وأعلمه أنَّه سيتَّخذ التَّدابير لإبقائه عنده باتِّهامه بالسَّرقة، وطلب منه أن يَكْتُمَ الخبرَ.
{فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} أي ولمَّا قضى يُوسُفُ حاجتهم، وحمَّل عيرهم طعاماً وميرة {جَعَلَ السِّقَايَةَ (١) فِي رَحْلِ أَخِيهِ} كلَّف بعضَ غلمانه أن يدسُّوا صاع الملك في متاع أخيه دونَ أن يَعْلَمَ أحدٌ.
{ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (٧٠)} أي ولمَّا ساروا في طريقهم عائدين فرحين إلى بلادهم، نادى عليهم منادٍ: أيَّتُها القافلة، يا أصحاب الإبل، رويداً، مكانكم، إنَّكم سارقون!
الإخوة يردُّون التُّهمة
فلمَّا سمع إخوة يوسف هذا الكلام؛ بغتوا، ودهشوا، فحوَّلوا عنان دوابِّهم مقبلين عليهم، {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ} أي على المنادي ومن معه: {مَاذَا
(١) السِّقاية والصَّاع والصِّواع بمعنى واحد، يسمَّى سقاية لأنَّه يُشْربُ به، وصاعاً لأنَّه يُكالُ به.