للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{أُرِيدَ} للمجهول، أمَّا في إرادة الرُّشد فقد أسند الفعل إليه سبحانه وبني للمعلوم.

ومن سورة يُوسُفَ سيأتي قوله تعالى حكاية عن يُوسُفَ: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ... (١٠٠)} فأضاف الإحسان إلى الله تعالى، وأضاف النَّزغ إلى الشَّيطان.

رُؤيا الملك

ولمَّا أراد اللهُ تعالى الفَرَجَ عن يُوسُفَ وإخراجه من السِّجن، رأى ملك مِصْرَ رؤيا عجيبة أهمَّته؛ فَجَمَعَ أشْرافَ القوم وسَراتَهم وعِلْيَتَهم ورِجَالَ حاشيته ومَن يظنُّ به العلم، وأخبرهم بما رأى في منامه، وسألهم عن تأويلها، فأعجزهم الله تعالى جميعاً؛ ليكونَ ذلك سبباً في خَلاصِ يُوسُف ـ - عليه السلام - ـ من السِّجن.

قال تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} ممتلئات لحماً وشحماً {يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ} أخر {عِجَافٌ} مَهْزُولة في غاية الهُزَال {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ} قد انعقد حبُّها {وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} وسبع سنبلات أُخَر يابسات، فالتَوت اليابِسَاتُ على الخُضْرِ حتَّى غلبتها. وفي قوله: {سِمَانٍ} و {عِجَافٌ} و {خُضْرٍ} و {يَابِسَاتٍ} طباق إيجاب بديع حسن.

{يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ} خطابٌ للأشراف {أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} أخبروني عن تأؤيل هذه الرؤيا وبيِّنوا لي ما تؤولُ إليه من العاقبة {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (٤٣)} وتُجيدونَ تعبيرها وتعرفونَ تأويلها، وهذه الجملة تفيد أنَّ الملكَ لم يكنْ على ثقةٍ من أنَّهم يعبِّرون الرُّؤيا.

<<  <   >  >>