للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

براءته وصدقه، كما أفصح عنه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥)} يذكِّر في تمادي المشركين في غيِّهم في حقِّ النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، مع رؤيتهم الآيات الدَّالة على صدقه ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ كما أفصح عنه قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذَا رَأَوْا ... آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤)} [الصّافات].

ومن التَّشابه بين واقع يوُسُفَ ـ - عليه السلام - ـ وواقع النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، أنَّ الله تعالى مكَّن للنَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بأرض المدينة كما مكَّن ليُوسُفَ بأرض مصر:

تَلْقَى بكل بلادٍ إن حَلَلْتَ بها ... أهلاً بأهلٍ وجيراناً بجيران

ومن التَّشابه أنَّ الله تعالى جمع بين النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وأهل مكَّة بعد غربة وعناء، كما جمع بين يوُسُفَ ـ - عليه السلام - ـ وأهله بعد غربة وشتات، وعفو النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ عن أهل مكَّة، يشبه عفو يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ عن إخوته.

فإذا كان للنَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ في الأنبياء ما يثبِّت به فؤاده، أفلا يكون لنا في النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ خاصة وفي الأنبياء عامة ما نثبِّت به الأفئدة، ونطمئن به النُّفوس، ونصلح ما في الصُّدور؟!

من أوجه التَّناسُب بين سُورة يُوسُفَ وما قبلها وما بعدها

من أوجه الشَّبه والتَّناسق بين سُورَة يُوسُفَ وسُورة هود التي سبقتها، أنَّ سُورةَ هود ذُكِرتْ فيها قصَّة إبراهيم ـ - عليه السلام - ـ وقد بُشِّرَ فيها بإسحاق ومن ورائه يعقوب، فبعد أن ذكر الله تعالى قصَّة إبراهيم مع الملائكة، قال: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (٧١)} [هود] ونحن نعلم أنَّ سُورة يُوسُفَ تدور حول يعقوب وأبنائه الَّذين هم أحفاد إبراهيم ـ - عليه السلام - ـ.

ومن أوجه وضع سورة يُوسُفَ بعد سُورة هود أنَّ سورة هود تضَمَّنت على مجموعة من قَصَصِ الأنبياء ابتداءً بقصَّة نوح، ثم هود، ثم صالح، ثم إبراهيم، ثم

<<  <   >  >>