للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعمَّهُ أبا طالِب، الَّذي كان ظَهِيراً ونصيراً له.

وفي سَبَبِ نزولها أخر ج الحاكم عن سعد بن أبي وقّاص، قال: " نَزَلَ القُرآنُ على رَسُولِ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فتلا عليهم زماناً، فقالوا: يا رَسُولَ الله، لو قَصَصْتَ علينا، فأنزل اللهُ تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١)} " (١) [يوسف] (٢).

وقد نزلت في أواخر العهد المكّيّ تسلية للنَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ففيها الإلماح إلى تشابه واقع النَّبيّين، فقصَّة يُوسُفَ مع أخوته أشبه بقصَّة النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ مع قريش، فإذا كان يُوسُفُ قد تآمر عليه أخوته، وفكَّروا في قتله أو إبعاده وإخراجه، وقالوا: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ... (٩)} فإنَّ في ذلك تثبيتاً لفؤاد النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يوم تآمرت عليه قريش في دار النَّدوة، وقرَّروا: حبسه، أو قتله، أو إخراجه من مكَّة، قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)} [الأنفال].

وغيابة الجبِّ في محنة يُوسُفَ قبيل الرَّحيل به لمصر، فيها تسلية للنَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وهو في غار ثور قبيل الهجرة للمدينة.

وسجن يُوسُفَ بمصر ظلماً وعدواناً، فيه ذكرى للنَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وأصحابه وهم في شعب أبي طالب بعد أن حاصرتهم قريش وقاطعتهم ظلماً وعَدْواً، وهذا كلُّه يفصح عنه قوله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠)} [هود].

وسجنهم ليُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ وتماديهم في ظلمهم له رغم ظهور الآيات الدَّالة على


(١) الحاكم " المستدرك " (م ٢/ص ٣٤٥) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه، ووافقه الذَّهبي.
(٢) الآيات الَّتي تُرِكَت بعد ذلك دون تخْرِيجٍ هي من سُورِة يُوسُفَ.

<<  <   >  >>