حَلَّ يُوسُفُ فِي قَلْب امْرَأَة العَزِيز محلاً كَبِيراً من حَيْث لا يَشْعُر، وَظَنَّت أنَّه حِينَ يَعْلَم بِمَيلِها يُسَرُّ السُّرُور الْعَظِيم {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} هَكَذَا عَبَّر القرآنُ الكريمُ عَن امْرَأَة العَزِيز بالاسم الموصول المفرد المؤَنَّث {الَّتِي} وهو المسند إليه، زيادة في التَّقرير، فهو مسوق لتنزيه يوُسُفَ، والسَّتر عليها.
وفي قوله تعالى:{وَرَاوَدَتْهُ} كناية عن صفة، والكناية لفظ استتر معناه، لغرض، والغرض هنا التَّعبير عن المعنى القبيح المستهجن بالكناية عنه باللَّفظ المهذَّب الَّذي لا ينبو عنه الطَّبع، فقوله:{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} كناية عن المخادعة، وما احتالت به.
{وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ} وَأَحْكَمَت إغْلَاقَهَا وإطباقها، وَدَعَتْهُ إلَى نَفْسِها، {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} واللَّام في {لَكَ} للتَّبيين، والمعنى: هَلُمَّ، أقبل، تَعَال أقول لك! وَهَذَا نِدَاء نَفْسها الأمارة الَّتي زَيَّنَت لها السُّوءَ، وكلمة {هَيْتَ} وحيدة في القرآن مادَّة وصيغة.
فَلمَّا سَمِع ـ - عليه السلام - ـ نِدَاءَهَا، وَعَلم مُرَادَها؛ خَيَّبَ فَأْلَها، وَرَدَّ كَيْدَهَا إِلى نَحْرها، وَتَعَفَّف، وَامْتَنَع، وأَبَى إبَاءً شَدِيداً، وَدُون أدْنى تَفْكِيرٍ وَبِلِسَان التَّقْوَى {قَالَ مَعَاذَ