للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أمراً، فإنَّه يكون.

{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} في العلم، كما رفعنا درجة يوسف، {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)}، وهو الله تعالى.

الكَيدُ المذموم والكَيدُ الممدوح

الكيد يكونُ مذموماً وممدوحاً، وإن شَاعَ استعمالُه في المذموم أكثر، فما هو من قبيل المذموم ما في قوله تعالى: {فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وقوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢) وممَّا هو من قبيل الممدوح ما في قوله تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ}.

كيف جَازَ ليُوسُفَ أنْ يَنْصِبَ أُحبولَةً لإِخوته؟

لقائل أن يقولَ: كيف جوَّز يُوسُفُ لنَفْسِهِ أنْ يعملَ على إخوتِه حيلةَ تسريق شقيقه، وهي تهمة باطلة، ولا شكَّ أنَّها ستُدْخِلُ الكَدَرَ والكَمَدَ والهمَّ والغمَّ على إخوته وعلى قَلْبِ أبيه يعقوب ـ - عليه السلام - ـ؟!

فالجواب: أن هذه الحيلة وهذا الصُّنع والتَّدبير لم يفعلْه يُوسُفُ عن أمره، إنَّما كان بإلهامٍ من الله تعالى وإذنٍ منه، وقد دلَّ على ذلك قوله تعالى {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ}، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} في حالٍ من الأحوال {إِلَّا} في حالِ {أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} تعالى ذلك {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤)} [الأنفال] فالله تعالى إذا أراد أمراً هيَّأ الأسبابَ له، فلا اعتراض.

وأمر آخر أنَّه إذا أينع الكربُ جاءَ الفرجُ.

<<  <   >  >>