للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣)} ألم أقل لكم: {اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧)}.

وبهذا يكون اللهُ ـ جلَّ ثناؤه ـ قد صَدَّقَ قَوْلَ يعقوب: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ} بالفعل والحقيقة، فيعقوب نبيٌّ، وللأنبياء معجزات، وصدَّق قَوْلَ يُوسُفَ: {فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} بالفعل والواقع.

التَّورية في لفظ {ضَلَالِكَ}

من أدقِّ أبواب البيان، وألطف فنون البديع المعنوي، التّورية: وهي لفظ يحتمل معنيين، فيستعمل المتكلِّم أحد احتماليها ويهمل الآخر، ومراده ما أهمله لا ما استعمله، ومنها قوله تعالى حكاية عمَّن كان في مجلس يعقوب - عليه السلام -: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥)} فالضَّلال يحتمل معنيين: ضدّ المعرفة، والحبّ، فاستعملوا ضدَّ المعرفة توريةً عن الحبِّ، أي أنَّهم أرادوا بكلامهم خلاف ظاهره، فورُّوا بلفظ {ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} عن حبِّه ليُوسُفَ، ليعلم أنَّ المراد ما أهملوا لا ما استعملوا، فهم لا يريدون المعنى الظَّاهرَ القريب، وإنَّما يريدون المعنى الخفيَّ البعيد.

أَقْمِصَة يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ

ليُوسُفَ في قصَّتِه ثلاثةُ أقمصة: قميص الجفاء، وقميص البراءة، وقميص الشفاء:

أمَّا قميص الجَفَاء: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}.

<<  <   >  >>