مَا يَشْتَهُونَ (٥٧)} [النّحل]، فإن قوله:{سُبْحَانَهُ} جملةٌ معترضةٌ، والنّكتة فيه تنزيه الله تعالى عمَّا ينسبون إليه.
وكتعظيم شأن المقسم به في قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨)} [الواقعة] فإنَّ قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦)} اعتراض بين القسم وجوابه؛ والنّكتة فيه تعظيم شأن المقسم به في نفس السَّامع، وفي قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦)} اعتراض آخر، وهو قوله تعالى:{لَوْ تَعْلَمُونَ} فذانك اعتراضان، ولا يخلو اعتراض في القرآن الكريم من فائدة، وهو جارٍ مجرى التَّوكيد في كلام العرب، وبنحو الَّذي قلنا قال أهل المعاني.
ومن أمثلة الاعتراض من سورة يُوسُفَ، قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)} فإنَّ قوله: {وَلَوْ حَرَصْتَ} جملة اعتراضيَّة بين ما وخبرها، فلو لم يكن هناك اعتراض، لكان: وما أكثر النَّاس بمؤمنين، والنّكتة فيه التَّأكيد على أنَّ هداية التَّوفيق بيد الله تعالى وحده.
مَشْروعيَّةُ الجَعَالة
الجَعَالة: من الشَّيء تجعله للإنسان على عمله، ومن الأجر تجعله على الشَّيء فعلاً أو قولاً، وهي عَقْدٌ جائز غير لازم، والأصل في مشروعيَّتها، قوله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢)} ولأنَّ النَّبيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أجاز أخْذَ الجُعْل على الرُّقيَّة، أخرج البخاري عن أَبِي سَعِيدٍ ـ - رضي الله عنه - ـ، قَالَ:
"انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ