للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَكْرِمْ بِمَنْ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِه!

{قَالُوا} أي الملأ، بلسان العَجْز والتَّسليم والاعتذار والتَّنَصُّل من التَّأويل: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} مجرَّد أحلام كاذبة، وقد كَذَبُوا في جوابهم؛ فإنَّ رؤيا الملك ليست من قبيل أضغاث الأحلام، بل هي من الرُّؤى الصَّادقة، لكنَّهم عَادُوا فصدقوا واعترفوا بجهلهم، فقالوا: {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (٤٤)} وأكرِم بمَن عرف قدر نفسه!

ويفهم من رؤيا الملك أنَّ الرُّؤْيَا الصَّادقة وَإِن اخْتَصَّتْ غَالِبًا بِأَهْلِ التُّقى والصَّلَاح والورع لَكِنْ قَدْ تَقَع لِغَيْرِهم، وفي قوله: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} استعارة تمثيليَّة لطيفة، فقد شبَّه اختلاط الأحلام وما فيها من ضروب مختلفة، بالحزمة المختلطة من الحشيش والنَّبت لا تناسب بينها.

الحَاجَةُ إلى العُلماء

وقول الملك: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} يتضمَّن إشارةً إلى أنَّ الملوك كبقيَّة النَّاس تحتاجُ إلى العُلماء، ولا تستغني عنهم، أو بعبارة أخرى: العلماء أغنياء عن الملوك بالعِلم، وليس الملوك بأغنياء عن العلماء بالمُلْكِ، لذلك قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)} [النَّحل] وكفى بهذا شرفاً للعلم والعُلماء.

يَغْلبُ على الحلم أنْ يُرَى ولا يُسْمَع

مرَّت بنا أربع رُؤى: رؤيا يوسف للكواكب، ورؤيا الفتى نفسه يعصر خمراً، ورؤيا الفتى الآخر يحمل فوق رأسه خبزاً تأكل الطَّير منه، ورؤيا الملك للبقرات والسَّنابل. ولم تحتوِ مادةُ هذه الرؤى على لغةٍ أو كلامٍ، ومنه نعلم أن الحلم سمِّي

<<  <   >  >>