للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا تكْتُمُنَّ الله ما في نفوسِكُمْ ... ليخْفَى ومهما يُكْتَم اللهُ يَعْلَم

يؤخَّرْ فَيُوضَعْ في كِتَابٍ فيُدَّخَرْ ... لِيَومِ الحِسَابِ أو يُعَجَّلْ فَيُنْقَم

قاله زهير في جاهليَّته، فوافق قوله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ... (٢٩)} [آل عمران] وهو قريب أيضاً من قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)} [البقرة]

الحَسَدُ مَثَارُ أوَّل جِنَايَةٍ

كَانَ حَسَدُ أولادِ يَعْقُوب ـ - عليه السلام - ـ لأخِيهِم قَدْ حَمَلَهُم على الخَلاصِ مِنْهُ بِإِلقَائِهِ في غَيَابَةِ الجُبِّ، فَقَطَعُوا بذلِكَ الرَّحمَ، وأخْلَفُوا الوَعْدَ، وعَقُّوا أباهُم، وكَذَبُوا عَلَيهِ، فَبَواعثُ الحَسَدِ تُسَهِّلُ على العَبْدِ ركُوبَ العَظائِم.

وأوَّلُ جِنَايَةٍ ارتُكِبَتْ مُنْذُ آدم ـ - عليه السلام - ـ كَانَ مَثَارُها الحَسَدَ، حيْثُ قَتَلَ أحَدُ ابني آدَم ـ - عليه السلام - ـ أَخَاهُ الآخر حَسَداً، قال تعالى: {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)} [المائدة]، إلى قوله: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٣٠)} [المائدة].

في الحَسَدِ

الحَسَدُ: أن يتمنَّي العَبْدُ زَوالَ النِّعْمَةِ عن صَاحِبِها وتحوّلها إليه، أو بِعِبَارة أخرى، الحَسَد: أَنْ يَرَى الرَّجُلُ لأَخيه نِعْمَةً، فَيتَمَنَّى أَنْ تَزُولَ عنه وتكُونَ له دُونَه. والمُسْلِمُ لا يحسُدُ، إذ الحَسَدُ حرامٌ شرْعاً، قال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ... (٥٤)} [النِّساء]، وقال تعالى: {حَسَدًا مِنْ عِنْدِ

<<  <   >  >>