عند البلاغيين في علم المعاني بإيجاز الحذف، فقد حذف المضاف، فالمراد: اسأل أهل القرية وأصحاب العير.
[كلام الله تعالى لا يقدر عليه مخلوق]
كانَ العَرَبُ أصحابَ ألفاظٍ ناصعة، وأهلَ بلاغةٍ بارعة، وفصاحة بالغة، وأربابَ كلماتٍ جامعة ... فما راعهم إلَّا صادقٌ أمينٌ بكتابٍ كريمٍ: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصّلت] فلم يتركْ لأحد منهم مقالاً ولا سجالاً ولا خطاباً، سمع أعرابيٌّ رجلاً يقرأ:{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا}، فقال: أشهد أنَّ مخلوقاً لا يقدر على هذا الكلام.
وهذا يذكِّر بالوليد بن المغيرة لمَّا سمع من النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ... (٩٠)} [النَّحل] قال: " والله إنَّ له لحلاوةً، وإنَّ عليه لطلاوةً، وإنَّ أسفله لمغدقٌ، وإنَّ أعلاه لمثمرٌ، ما يقول هذا بشرٌ"(١).
الشُّورى
من قوله تعالى:{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} نفهم أن الأمر لمَّا اعْتَاص على الإِخوة والتوى، اعتزلوا جانباً، وعقدوا مجلس شورى يتبادلون الرأي فيه ـ وإن كان السِّياق لم يذكر أقوالهم جميعاً ـ، وقد أصابوا؛ لأنَّه " ما شاور قومٌ قطٌّ إلَّا هُدوا لأرشد أمورهم ".
وقد أَمَرَ اللهُ تعالى النَّبِيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بالشُّورى، فقال: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ... (١٥٩)} [آل عمران]، ومَدَحَ الصَّحابة، فقال: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ... (٣٨)} [الشّورى].
وعليه، يجب أن نتشاور في الأمور، ولا نعجل، ولا نُمْضي عَزْماً، ولا نُبْرِم أمراً