للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصَبَّرَ يُصَبِّرهُ اللهُ تعالى {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ... (١٢٧)} [النَّحل].

ولمَّا كانَ لِلصَّبْرِ هذه القِيمةُ العَظِيمةُ وَجَدْنَا في القُرآنِ الكَريمِ الأمْرَ به: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ... (٢٠٠)} [آل عمران] ومَدْحَ أهْلِهِ: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)} [البقرة] ومَحَبَّةَ الله تعالى لمن تَمَسَّكَ بِهِ: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦)} [آل عمران] ومَعِيَّتَهُ لهم: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)} [البقرة] وأنَّ الصَّبْرَ خَيرٌ لهم: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦)} [النَّحل] وأنَّ الصَّبْرَ نِعم السَّبيلُ على مُقَاوَمَةِ النَّائِبةِ وكَسْرِ سَوْرَتِها: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (١٨)} [يوسف] وأنَّ عاقِبَةَ التَّقْوى والصَّبْرِ الفَرَجُ: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠)} [يوسف].

اللَّهُمَّ اجعَلْنَا عِنْدَكَ في ديوان الصَّابرين الشَّاكِرينَ.

شِرْعَةُ المُسَابَقَة

قوله تعالى: {قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ... (١٧)} يدلُّ على أنَّ المسابقة شِرعَة ومنهاج وسُنَّة، فقد فعلها النَّبِيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بنفسه، أخرج أحمد بسند صحيح عن هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِل اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: تَقَدَّمُوا، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ، فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: تَقَدَّمُوا، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: هَذِهِ بِتِلْكَ" (١).


(١) أحمد " المسند " (ج ١٨/ص ١٧٧/رقم ٢٦١٥٥).

<<  <   >  >>