للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكرير كلمة {مَعَاذَ اللَّهِ}

لم ترد كلمة {مَعَاذَ اللَّهِ} في القرآن الكريم إلَّا مرَّتين، وعلى لسان يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ:

الأولى: عندما قالت له امرأةُ العزيز: {هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣)}.

والثانية: عندما قال له إخوته: {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (٧٩)} ثبات على العقيدة والمبدأ في كلِّ زمان ومكان.

المفاوضَةُ والقَرار

{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} أي ولمَّا سَمِعَ الإِخوةُ جَوَابَ عزيز مِصْر، وتغليطهم في طلبهم، يئسوا وانسحبوا وتقهقروا من أمامه، وانفردوا جانباً عن النَّاس الشُّهود يتناجَوْن ويتشاورون فيما دَهَاهُم، ويقلِّبون الأمْرَ ظهراً لبطن، وقد كَبُرَ عليهم موقفهم أمام أبيهم، وعَظُمَ عليهم الاعتِذَارُ لما سَبَقَ لهم مع يُوسُفَ.

فالأمَرُّ من فقد الصِّواع وهذه التُّهمة فَقْدُ أخيهم الآخر، فلا شيء أمَرّ غُرْبةً على أبيهم يعقوب ـ - عليه السلام - ـ من فَقْدِ يُوسُفَ وأخيه.

ولذلك {قَالَ كَبِيرُهُمْ} مذكِّراً بالموثق المأخوذ عليهم، وبتفريطهم في يُوسُفَ من قبل: {أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ}، {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} وقد عاهدتموه وواعدتموه، أنسيتُم ذلك؟!

{وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ} ألا تذكرون تفريطكم في أمر المحافظة على يُوسُفَ مِنْ قَبْل؟! فها هي الأيام تُعِيدُ نفسَها.

<<  <   >  >>