للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما سَابَقَ النَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بين الخيل لما في ذلك من المصلحة في إعدادها للقتال كرّاً وفرّاً، أخرج البخاري، عَنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ: " أَنَّ رَسُولَ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي أُضْمِرَتْ (١) مِنْ الْحَفْيَاءِ (٢) وَأَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ الله بن عُمَرَ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا" (٣)

لا تُلَقِّنوا أولادَكُم الحُجَّة فَيَكْذِبُوا

لقَّنَ يَعْقُوبُ - عليه السلام - أولادَهُ الحُجَّةَ فَكَذَبُوا، قال لَهُم: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ... (١٣)} فَأَخَذوا من فَمِهِ هذه الكَلِمَة وجَعَلوها حُجَّتَهُم، فَقَالوا: {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ... (١٧)}؛ فافْهَم.

الجَهْلُ بالغَيْبِ

عَرَفْنا أنَّ يَعْقُوبَ ـ - عليه السلام - ـ قَدْ سَلَّمَ يُوسُفَ لإخْوَتِهِ أمَانةً غالية يرْتَعُ ويَلْعَبُ، لكنَّهُ لم يَرتَعْ ولم يَذُقْ حَلاوةَ اللَّعبِ، وإنَّما جَعَلُوه في غيابَةِ الجُبِّ وَحِيداً فَريداً، ولو اطَّلَعَ يَعْقُوبُ ـ - عليه السلام - ـ على الغَيْبِ، وَعَلِمَ من الأمْرِ شيئاً ما فرَّطَ في يُوسُفَ لَحْظَة، ولكن لا يَعْلَمُ الغَيْبَ المُطْلَقَ إلَّا الله {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (٩)} [الرَّعْد].

إنَّ حِكْمَةَ الله تعالى اقْتَضَتْ أنْ تُخْفِيَ صَفْحَةَ الغَيْبِ عَنَّا؛ لِتَسِيرَ المُجْرَياتُ في طَريقِها السَّلِيم، وقَد أقْفَلَ الله تعالى أبْوابَ مَعْرِفَةِ الغَيْبِ عَنَّا رَحْمَةً بِنَا؛ فلو عَلِمَ النَّاسُ الغَيْبَ لكَانَ أكْبَرَ ضَرَرٍ عليهم، ذلك أنَّ العَبْدَ لو اطَّلعَ على صَفْحَةِ الغَيْبِ


(١) هو أن يُقلَّلُ علفُها فترة لتكون أقوى على الجري.
(٢) موضع بالمدينة منه أجرى النَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ الخيل في المسابقة، وبين موضع الحَفْيَاءِ وثنيَّة الوداع نحو ستة أميال.
(٣) البخاري " صحيح البخاري " (م ١/ج ١/ص ١٠٨) كتاب الصَّلاة. ومسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٧/ج ١٧/ص ١٤) كتاب الإمارة.

<<  <   >  >>