للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القِسْمُ الثَّاني

أَذَى إخْوتِهِ

مُقَدِّمَةُ المُؤامَرَة

وَيَظْهَرُ أنَّ يَعْقُوبَ ـ - عليه السلام - ـ كان مُصِيْباً في تَخَوُّفِهِ على يُوسُفَ من إخْوتِهِ؛ فالمَشْهَدُ الثَّاني من القِصَّة يُبَيِّنُ لنا إخْوةَ يُوسُفَ، والحَسَدُ قَد تَبَالغَ في نُفُوسِهِم، والبَغْضاءُ قَدْ هَاجَتْ في قلوبِهِم، وهم مؤْتَمِرونَ للنَّظرِ في أَمْرِ يُوسُفَ، ومناقَشَةِ ما يَصنَعُونَهُ في أَمْرِهِ.

وقَد ذَكَرَ اللهُ تعالى مَتْنَ مؤامَرَتِهم، قال تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ} اللَّام للابتداء، وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة، أرادوا أنَّ زيادة محبَّة أبيهم ليُوسُفَ وأخيه أمر ثابت محقَّق لا رَيْبَ فيه {وَأَخُوهُ} شَقِيقه، وتَخْصِيصُه بالإضَافةِ لاخْتصاصِه بالأخُوَّةِ من الأبوين، أي والله إنَّ يُوسُفَ وأخاه، {أَحَبُّ} اسم تفضيل مجرد من (أل) والإضافة واجب الإفراد والتَّذكير، فقد جاءت بعده من جارَّة للمفضول، فَأُفْرِدَ مع الاثنين {إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} جَماعَةٌ أقويَاء نافِعُونَ أحَقُّ بِحُبِّهِ وأجْدَرُ بِكَلفِه.

فَذَكَروا أوَّلاً مِحْنَتَهُم ومَأسَاتَهُم في يُوسُفَ وأخيهِ، حَيثُ صَرَفَا وجْهَ أبيهم يَعْقُوبَ ـ - عليه السلام - ـ عَنْهُم إلى أنْفُسِهِما، وأنَّ تفضيل أبيهم لهما في المحبَّة أمر ثابت متحقِّق لا شبهة فيه.

{إِنَّ أَبَانَا} في تَرْجِيحِهِما وإيثارِهِما وتَفْضِيلِهما عَلَيْنا في المَحَبَّةِ مَعَ فَضْلِنا عليهما {لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨)} أي غَلَط في الرَّأي وخُرُوجٍ عن الصَّوابِ ظاهِر.

وَفَاتَهُم ما قالَهُ بَعْضُ حُكَمَاءِ العَربِ لمَّا سُئِلَ: أيُّ بَنِيكَ أحبُّ إليكَ؟ قال:

<<  <   >  >>