وقصَّة يُوسُفَ تُذَكِّرُ بقول النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لمَّا سأله سَعْد أيُّ النَّاس أشدُّ بلاءً؟ فقال ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ:" الأنبياءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ"(١) ولذلك ابتُلي نبيُّ الله يعقوب ـ - عليه السلام - ـ بفقد حبيبه وحبيبتيه، وابتُلي يُوسُفُ ـ - عليه السلام - ـ بإخوته فصار طريحاً، ثمَّ ابتلي بالسَّيَّارة فصار مملوكاً، ثمَّ ابتلي بامرأة العزيز فصار سجيناً ...
لكنَّ سنَّة الله تعالى أن يدافع عن أوليائه المحسنين، وأن ينجِّي المتَّقين: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النَّحل] فقد ردَّ اللهُ على يَعْقُوبَ بَصَرَهُ، وجمع بينه وبين يُوسُفَ بعد غُرْبةٍ دامت أربعين عاماً، ونجَّى اللهُ يُوسُفَ من الجُبِّ، والكيد، والسِّجن، وَرَفَعَهُ أعلى الدَّرجات، فما بعد المَعْسَرة إلَّا المَيْسَرة، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)} [الشَّرح] وعند انسدادِ الفُرَجِ تبدو مطالعُ الفَرَجِ، {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (٧)} [الطَّلاق].
ما أحوج القَلبَ إلى قَصَصِ القرآن! ففيه عبرة لكلِّ إنسان، وغِنىً عن قَصَصِ وأَنْبَاء أَبْنَاء هذا الزَّمان! وهذا كتاب في قصَّة من قَصَصِ القرآن العظيم قدره، الدَّائم خيره، الجزيل نفعه، التَّامّ نوره، الواضح بيانه، القاطع برهانه ... سمَّيته (غرر البيان من سورة يُوسُفَ - عليه السلام - في القرآن) جمعته من رياض التَّفاسير حسب الأصول، وحرَّرته من مختلف تفاسير أهل النُّقول، والله أسأل أن ينفع به فهو خير مرجوٍّ ومأمول.
(١) أحمد " المسند " (ج ٣/ص ٨٧/رقم ١٤٩٤) وإسناده حسن لأجل عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ.