للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتفصيل (١) بينهم في التَّسهيل وعدمه، والإدخال وعدمه.

وحجَّة من قرأ على الخبر أنَّ إخوة يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ أيقنوا أنَّ الَّذي أمامهم يوُسُف، فجاؤوا بحرف التَّوكيد (إنَّ) ليؤكِّدوا الإخبار، ويستغنوا عن الاستخبار (الاستفهام). وحجَّة من قرأه على الاستفهام أنَّ إخوة يوسف جاؤوا بلفظ الاستفهام المفيد للإلزام والإثبات، فقد أدركوا أنَّهم أمام أخيهم يُوسُفَ فأرادوا أن يلزموه ذلك.

وقد ذهب بعض الموجِّهين للقراءات الَّتي تنوَّعت بين الإخبار والاستفهام إلى حمل القراءتين على معنى واحد، وأنَّ قراءة الإخبار استفهام حذفت أداته، وهذا فيه نظر؛ فالقراءات لها أثر في علوم العربيَّة، وقد ذكر علماؤنا السَّلف والخلف فوائد عديدة لتعدُّد القراءات القرآنيَّة المتواترة، ومنها أنَّ تنوُّع القراءات وتعدُّدها يترتَّبُ عليها تنوُّع في وجوه البلاغة، وتعدُّد في المعنى، وهذا ضرب من الإعجاز تفرَّد به القرآن.

ولعلَّ ما يؤكِّد اختلاف المعنى في القراءتين، أنَّ إخوة يُوسُفَ يجوز أنَّهم عرفوه يقيناً، وهذا ما دلَّت عليه قراءة الإخبار، وقد عرفوه من سؤاله لهم: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (٨٩)} فما أدراه بخبر يُوسُفَ وأخيه، إلَّا إذا كان هو يُوسُف، فنظروا إليه نظرة الفاحص المدقِّق، فعرفوه، وقالوا على وجه القطع والجزم والتَّحقيق: (إنَّكَ لأنْتَ يُوسُفُ) وأكَّدوا معرفتهم له بمؤكِّدات ثلاثة: إنَّ، واللَّام، والجملة الاسميَّة.


(١) سهّل الهمزة الثَّانية مع إدخال ألف الفصل قالون والبصري، وسهَّلها من غير إدخال وَرْش ورويس، أمَّا هشام فله وجهان: التَّحقيق مع الإدخال وتركه، وللباقين التَّحقيق بلا إدخال.

<<  <   >  >>