للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال للسّاقي في المرَة الثَّانية: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ... (٥٠)}.

ومن عجيب التَّناسب بين السُّور أنّ محور الشُّخوص في سورة يُوسُفَ يدور حول تغيّر أحوالهم بعد أن غيَّروا ما بأنفسهم، ثمّ جاءت سورة الرّعد، وفيها قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... (١١)} [الرعد].

فإنَّك ترى في سورة يُوسُفَ أنَّ كلَّ قضيَّة ختامُها خير، وكلَّ عُسْر فيها إلى يُسْر، فقد ألقي يُوسُفُ في غيابة الجبِّ فنجا، وبيع بثمن بخس فأكرم عزيز مصر مثواه وجعله بمنزلة الولد، وراودته امرأة العزيز فعصمه الله، واتَّهمته امرأةُ العزيز وافْتَرَتْ عليه الكَذِبَ، ثمَّ برَّأته وندمت وطمعت برحمة الله، ودخل السّجن فخرج منه على خزائن الأرض، وجاءت سنواتُ القحط فوفَّقه اللهُ في مواجهتها وانتهى الجَدْبُ بالخِصْبِ، وآذاه إخوتُه فأَظْهَرَهُ اللهُ عليهم، وفعلوا ما فعلوا وقالوا ما قالوا، ثمَّ رجعوا وأنابوا، وطلبوا من أخيهم العفو فعَفا عنهم، وطلبوا من أبيهم الاستغفارَ لهم فاستغفر لهم، وجمع اللهُ بين يُوسُفَ ويَعْقُوبَ، وآوى إليه أبويه، ورفعهما على العرش، {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)} [يس].

* * *

<<  <   >  >>