يروق، ومن ذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ... (٩٦)} فجيء بلفظة {أَنْ} مؤكِّدة للمَّا أو صلة لها، وهي عند النُّحاة زائدة لوقوعها بعد (لمَّا) الوقتيَّة.
ولعلَّ الَّذين أطلقوا القول في زيادتها نظروا إلى أنَّ القرآن لم يأت بها على الأصل من الحذف، كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١)} [الحجر]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ ... (٨٠)} [يونس]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا ... (٦٦)} [هود].
والصَّواب أنَّ ما وضع للتَّأكيد لا يسمَّى زائداً، ولعلَّها لم تحذف لأنّ مجيء البشير إلى يعقوب جاء بعد أن طال على يعقوب - عليه السلام - البعد والحزن، فناسب مجيء {أَنْ} لما في مقتضى وصفها من الإبطاء والتَّراخي، ولما لها من أثر في الدَّلالة على تراخي الزَّمن، أو أنَّها جاءت لتشعر بطيِّ بعض الكلام، واختصار بعض الحقائق، وهذه دقائق لا تتأتَّى لكثير من النُّحاة.