للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرد: الكفر يعتمد الاعتقاد بدليل أنَّه لو نوى الكفر بقلبه يكفر والإكراه يمنع الحكم بالاعتقاد في الظاهر والطلاق يعتمد إرسال اللفظ مع التكليف وهذا موجود في طلاق المكره ولهذا لو نوى الطلاق لم يقع (١).

الجواب: كذلك الطلاق فلا يقع الطلاق إلا إذا قصد لفظ الطلاق حين التكلم به مختارًا فلو تكلم بالطلاق حاكيًا طلاق غيره أو نائمًا لم تطلق زوجته فكذلك إذا قاله بإكراه غيره له.

الدليل الثاني: عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] قَالَ دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ النَّبِيُّ «قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا» قَالَ فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ ﴿وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] قَالَ قَدْ فَعَلْتُ» (٢).

وجه الاستدلال: لو ثبتت الأحكام على المكره لكان قد حمل مالا طاقة له به وقد نفاه الله (٣).

الرد: المراد رفع الإثم.

الجواب: يأتي الجواب عن ذلك.

الدليل الثالث: قول النبي : «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (٤).

وجه الاستدلال: طلاق المكره قول بلا نية، فلا يقع، وإنَّما هو مورٍ أو حاكٍ لما أمر أن يقوله فقط، فلا يقع طلاقه (٥).


(١) انظر: الجوهر النقي (٧/ ٣٥٦).
(٢) رواه مسلم (١٢٦).
(٣) انظر: السيل الجرار (٢/ ٣٤١).
(٤) رواه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر بن الخطاب .
(٥) انظر: المحلى (١٠/ ٢٠٥)، والنوادر والزيادات (٨/ ٣٧٩).

<<  <   >  >>