للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معقولة ثم تطلق من عقالها وتخلى عنها فهي خلية من العقال وهي طالق لأنَّها قد طلقت منه فأراد الرجل ذلك فأسقط عمر عنه الطلاق لنيته وهذا أصل لكل من تكلم بشيء يشبه لفظ الطلاق والعتاق وهو ينوي غيره أنَّ القول فيه قوله فيما بينه وبين الله وفي الحكم (١).

الرد من وجهين:

الأول: قال الحافظ ابن حجر: المشكل من قصة عمر كونه رفع إليه وهو حاكم فإن كان أجراه مُجْرى الفتيا ولم يكن هناك حكم فيوافق وإلا فهو من النوادر (٢).

الجواب: عمر خليفة فهو يحكم بين الناس ووافقه عثمان ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة وقال به بعض التابعين ومن بعدهم فليس نادرًا.

الثاني: قال البيهقي: قال: خلية طالق لم يرسل الطلاق نحوها ولم يخاطبها به فلم يقع به عليها الطلاق، والله أعلم (٣).

الجواب: قال الذهبي: إنَّما شبهها بخلية طالق لأنَّها قالت له شبهني فأراد تشبيهها كأنَّه قال أنت كحمامة وكظبية وكخلية طالق وكذلك لو قصد التشبيه بامرأة طلقت فقال لزوجته أنت كامرأة طالق لم تطلق (٤).

الدليل الثالث: عن الحسن أنَّ رجلًا طلق امرأته فلقيه رجل، فقال: طلقت امرأتك قال: نعم، ثم لقيه آخر، فقال: نعم، ثم لقيه آخر، فقال: نعم، ثم لقيه آخر، فقال: نعم، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب ، فقال: «ذَلِكَ بِهِ أَوْ ذَلِكَ مَا نَوَى».

وجه الاستدلال: جعل عمر الأمر متعلقًا بنية الزوج والظاهر أنَّ هذا منه قضاءٌ لا فتوى والله أعلم.

الدليل الرابع: عن السميط السدوسي، قال: خطبت امرأة، فقالوا لي: لا نزوجك حتى تطلق امرأتك ثلاثًا، فقلت: قد طلقتها ثلاثًا، قال: فزوجوني ثم نظروا، فإذا امرأتي


(١) غريب الحديث (٣/ ٣٨٠).
(٢) فتح الباري (٩/ ٣٧٠).
(٣) السنن الكبرى (٧/ ٣٤١).
(٤) مهذب سنن البيهقي (٦/ ٢٩٣٢).

<<  <   >  >>