(٢) ذكره ابن كثير بأسانيد مختلفة إلى ابن عباس وغيره. انظر تفسيره ٢/ ١٢٢، وراجع الدر المنثور ٣/ ٢٤٣ حيث نسب هذا القول- نقلا عن المفسرين- إلى ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وأبي بن كعب، وعطاء. وانظر فتح القدير ٢/ ٩٦ فقد أورد هذا إلى ابن عباس وغيره من عدة طرق. يقول الألوسي: ٧/ ٧٦ وخبر تشييع الملائكة لها رواه جمع من المحدثين إلّا أن منهم من روى أن المشيعين سبعون ألفا، ومنهم من روى أنهم كانوا أقل. ومنهم من روى أنهم كانوا أكثر. اه وبعد ذكر الألوسي الآثار الدالة على فضل هذه السورة قال: ولعل الأخبار بنزول هذه السورة جملة، إمّا ضعيف وإمّا موضوع .. إلى أن قال: ويؤيد ما أشرنا إليه من ضعف الأخبار بالنزول جملة: ما قاله ابن الصلاح في فتاويه: الحديث الوارد في أنها نزلت جملة رويناه من طريق أبي بن كعب، ولم نر له سندا صحيحا، وقد روى ما يخالفه اه وانظر: الإتقان ١/ ١٠٨. قلت: إلّا أن المحققين من أهل التفسير كابن كثير والسيوطي والشوكاني قد ساقوا- في بداية تفسيرهم لهذه السورة- الآثار الدالة على نزولها جملة يشيعها سبعون ألف ملك، ولم يذكروا في تلك الآثار مطعنا وابن كثير- كما نعلم- فارس هذا الميدان، وهو حافظ ناقد بصير بالروايات، وإضافة إلى هذا فقد ذكر أنها نزلت جملة واحدة ... كل من البغوي والخازن ٢/ ٩٥، والفخر الرازي: ١٢/ ١٤١، والقرطبي ٦/ ٣٨٢، وغيرهم وأخيرا وقفت على تحقيق جيد نفيس للسيد محمد رشيد رضا في تفسيره المنار ٧/ ٢٨٥ فقد ناقش كلام ابن الصلاح الذي نقله عنه الألوسي وفنده.- أما بالنسبة لتشييع الملائكة لها فهو حملها وزفها إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومن معاني الزفزفة كما جاء في القاموس ٣/ ١٥٣ شدّة الجري وهزيز الموكب. اه وإذا نظرنا إلى الروايات المتعددة التي ساقها ابن كثير والسيوطي نجد بعضها يفسر بعضا، ففي بعضها جاء بلفظ التشييع وفي بعضها لهم زجل، وفي البعض الآخر معها رجز من الملائكة، وفي بعضها قد سدّوا ما بين الخافقين، وقد سدّوا الأفق .. وهكذا. ولا شك ان جبريل عليه السلام هو أمين الوحي، وهو السفير بين الله وبين محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم. قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ الشعراء (١٩٣). وهو ملك كريم إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ التكوير (١٩). ولكن لا يمنع من ان الله تعالى يصطفي من الملائكة رسلا فينزلون مع جبريل احيانا، وهذا مما يزيد الموقف مهابة وإجلالا.