للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عابس الغفاري «١»: ورأى الناس يفرّون من الطاعون- فقال: (يا طاعون خذني، فقيل له: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «لا يتمنين أحدكم الموت .. » «٢» فقال: أبا در «٣» خصالا سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «٤» «يتخوفهن على أمته: بيع الحكم «٥» والاستخفاف بالدم وقطيعة الرحم، وقوما يتخذون القرآن مزامير، يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلّا ليغنيهم به غناء» «٦».

وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «زيّنوا القرآن «٧» بأصواتكم» «٨».


قال: وعلى هذا المعنى تحمل هذه الأحاديث التي ذكرناها في حسن الصوت، إنما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق .. فهذا وجهه لا الألحان المطربة الملهية .. فضائل القرآن ص ٩٧، وراجع فضائل القرآن لابن كثير ٣٦ - ٣٨.
(١) عابس بن عيسى الغفاري، ويقال له: عيسى بن عابس، قال البخاري له صحبة:. انظر الإصابة ٥/ ٢٦٥، رقم ٤٣٣٠، وراجع الجرح والتعديل ٧/ ٣٥.
(٢) رواه البخاري بلفظ أطول في كتاب المرضي باب تمني المريض الموت ٧/ ١٠، ورواه مسلم كذلك كتاب الذكر باب كراهة تمني الموت لضر نزل به ١٧/ ٧.
(٣) في د وظ: حرفت إلى (أبو ذر).
(٤) هكذا في النسخ يقول، وأرى أن الكلام بدونها أولى، والحديث في فضائل القرآن لأبي عبيد بدونها.
(٥) أي أن من الخصال التي كان عليه الصلاة والسلام يتخوفها على أمته: بيع الحكم، والمراد به: عام يشمل بيع الأوراق والوثائق التي تحمل الأحكام والصكوك والحقوق، وبهذا تضيع حقوق الناس بسبب التلاعب والتزوير في الأحكام، وكذلك ما يحدث من تولية من ليس أهلا لذلك في الحكم، وذلك بالتزوير في الانتخابات وشراء الأصوات- كما هو الحال في كثير من البلدان- والله أعلم.
والمراد من الاستخفاف بالدم عدم المبالاة بحرمة دماء المسلمين، بل قد تسفك لأتفه الأسباب كما هو الواقع اليوم.
(٦) أخرجه أبو عبيد في فضائله ص ٩٩، ١٠٠ والإمام أحمد في مسنده بنحوه ٣/ ٤٩٤، ٦/ ٢٢، والحاكم في المستدرك بنحوه كذلك وسكت عنه هو والذهبي، كتاب معرفة الصحابة ٣/ ٤٤٣.
والحديث نقله ابن كثير في فضائل القرآن عن أبي عبيد، كما نقل غيره من الأحاديث ثم قال: وهذه طرق حسنة في باب الترهيب اه ص ٣٦، وأورد الحديث مختصرا ابن حجر في الإصابة عند ترجمة عابس الغفاري وعزاه إلى ابن شاهين والبخاري في تاريخه. انظر الإصابة ٥/ ٢٦٥ - ٢٦٦.
(٧) قال الخطابي: معناه زينوا أصواتكم بالقرآن، وهكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث، وزعموا أنه من باب المقلوب، كما قالوا «عرضت الناقة على الحوض، أي عرضت الحوض على الناقة ... » اه.
معالم السنن بهامش سنن أبي داود ٢/ ١٥٥. والمراد من المقلوب: أن يعرب كل واحد من الفاعل والمفعول إعراب الآخر لظهور المعنى، وللنحاة فيه مذاهب وشواهد كثيرة.
انظر شرح جمل الزجاجي لابن عصفور ٢/ ١٨١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ٢/ ١١٠. قلت:
وحديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف بعد حديث البراء يؤيد ما ذهب إليه الخطابي من فهمه لحديث البراء.
(٨) بوب له البخاري بقوله: باب قول النبي صلّى الله عليه وسلم «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة، وزينوا القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>