للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فما الموجب لاختلافهم في عدد الآي؟

قلت: النقل والتوقيف، ولو كان ذلك راجعا الى الرأي لعد الكوفيون الر* آية، كما عدوا الم*، وكيف عدوا المص ولم يعدوا المر؟ وما لهم لم يعدوا طس وق ون كما عدوا طسم* وطه ويس؟ وكيف عدوا كهيعص آية واحدة، وعدوا حم* عسق آيتين؟ «١».

ولما عد «٢» الشامي غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «٣» وأسقط إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ «٤» ولما عد الجميع إلّا الشامي وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ «٥» في أول آل عمران ولما أسقط الكوفي وحده وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ «٦» وعدها غيره. ولما أسقط الجميع فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ «٧» إلّا البصري. ولما عد الكوفي مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ «٨» في


أحرفها في اللفظ على ما هي عليه في الرسم، فأتعب نفسه فيما تناوله وأجهد خاطره فيما قصده .. ألا ترى أن صورة (الم) في الكتابة ثلاثة أحرف ألف ولام وميم، وهي في التلاوة: تسعة أحرف، فلو كانت الكلمة إنما تعد حروفها على حال استقرارها في اللفظ دون الرسم لوجب أن يكون لقارئ (الم) تسعون حسنة، إذ هي في اللفظ تسعة أحرف،، وسبب إختلاف الروايات عن السلف في جملة عدد الكلم
والحروف، هو من جهة مرسوم الكلم في المصاحف الموجه بها إلى الأمصار حيث تختلف زيادة ونقصا وحذفا وإتماما وقطعا ووصلا ألا ترى إلى قوله تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا وأَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ وما شاكلهما أنه جاء في بعضها مقطوعا وفي البعض الآخر موصولا، وهكذا فلهذا وقع الاختلاف وتفاوت العدد في جملة الكلم والحروف، والله أعلم.
انظر: كتاب البيان في عد آي القرآن ورقتي (٢٦، ٢٧) باختصار وتقدم الكلام أيضا في أول هذا الفصل عن سبب اختلافهم في الآيات والكلمات والحروف فانظره هناك، والله الموفق.
(١) راجع ذلك في أول الكلام على سورة البقرة من هذا الفصل.
(٢) أي لو كان ذلك راجعا إلى الرأي لما عد الشامي ... الخ.
(٣) هذه الآية التي ذكرها المصنف هي رقم (٧) من سورة البقرة، وقد كتبت خطأ في النسخ، ثم أن هذه الآية ليس فيها خلاف بين أئمة العدد، وإنما الخلاف هو في عد قوله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ آية: (١٠) وقد تقدمت قريبا وأن الشامي انفرد بعدها دون غيره والله أعلم.
(٤) البقرة (١١) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ.
(٥) آل عمران (٣).
(٦) آل عمران (٤).
(٧) المائدة (٢٣).
(٨) طه (٧٨) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>