للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتجوا لذلك بأن المكّي قد يؤخر عن المدني في السور، وليس هذا مثل ذلك، وليس في تقديم السور وتأخيرها شيء من الإلباس، بخلاف الآيات «١».

قال «٢» الزمخشري «٣»: فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟

قلت: قد تكون الآية متقدمة في التلاوة، وهي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى:

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ .. «٤» مع قوله: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ «٥» «٦».

والذي قال غير صحيح، بل التلاوة على ترتيب التنزيل، وقد تقدم (أنّ) «٧» قوله عزّ وجلّ: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ «٨» نزل بعد قوله «٩» ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها «١٠» أي: دم على ذلك، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ «١١».


(١) قال مكي: وهذا مما تقدم الناسخ فيه على المنسوخ في رتبة التأليف للقرآن، وحق الناسخ في النظر أن يأتي بعد المنسوخ، لأن الناسخ ثان أبدا، والمنسوخ متقدم أبدا، وإنما استغرب هذا لأنه في سورة واحدة، ولو كان في سورتين لم ينكر أن يكون الناسخ في الترتيب قبل المنسوخ، فهو كثير في سورتين، لأن السور لم تؤلف في التقديم والتأخير على النزول ألا ترى أن كثيرا من المكي بعد المدني والمكي نزل أولا؟! وإنما حكم في هذا بأن الأول نسخ الثاني دون أن ينسخ الثاني الأول على رتبة الناسخ والمنسوخ بالإجماع على أن المتوفي عنها زوجها ليس عليها أن تعتد سنة، وأن عدتها أربعة أشهر وعشرا ...
والنبي صلّى الله عليه وسلّم بين هذا، فعلم أن الأول ناسخ للثاني وعلم أن الأولى في التلاوة نزلت بعد الثانية ناسخة لها) اه الإيضاح: ص ١٨٣ - ١٨٤.
(٢) في بقية النسخ: وقال.
(٣) هو محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي الزمخشري، جار الله أبو القاسم من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والأدب، جاور بمكة، وتنقل في البلدان وكان من معتزلي المذهب.
(٤٦٧ - ٥٣٨ هـ). طبقات المفسرين للداودي (٢/ ٣١٤)، والبداية والنهاية: (١٢/ ٢٣٥) والأعلام:
(٧/ ١٨٧).
(٤) البقرة: (١٤٢).
(٥) البقرة: (١٤٤).
(٦) الكشاف للزمخشري (١/ ٣٧٧).
(٧) ساقط من الأصل حرف (أنّ).
(٨) جزء من الآية السابقة: (١٤٤).
(٩) في ظق ود وظ: بعد قولهم.
(١٠) جزء من الآية السابقة: (١٤٢).
(١١) جزء من الآية السابقة: (١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>