للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧ - ومن ذلك قوله عزّ وجلّ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ «١».

قال جماعة: هي منسوخة بالتي تقدمت، وهو قوله عزّ وجلّ: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً.

قالوا: نسخت هذه الحول، ونسخت آية الميراث النفقة عليها إلى الحول «٢».

وقال الربيع: كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها أقامت- إن شاءت- حولا ولها السكنى والنفقة، فنسخ ذلك آية الميراث «٣».

وقال عبد الملك بن حبيب «٤»: كانت الحرة المتوفى عنها زوجها، تخير بين أن تقيم في بيته وينفق عليها من ماله سنة، وبين أن تخرج فلا يكون لها شيء من ماله، فنسخ ذلك بآية الميراث «٥».

وليست هذه الآية بمنسوخة بالتي قبلها، لأن الناسخ متأخر «٦» نزوله عن المنسوخ فكيف يكون نزولها متأخرا، ثم يوضع «٧» في التأليف (قيل «٨» ما نزل) بعده ناسخة له من غير فائدة في لفظ ولا معنى؟.


(١) البقرة: ٢٤٠.
(٢) وممن قال بالنسخ ابن عباس وقتادة والضحاك وعطاء وابن زيد والربيع وعكرمة والحسن والنخعي.
انظر جامع البيان (٢/ ٥٧٩ - ٥٨١) راجع الدر المنثور (١/ ٧٣٨)، والناسخ والمنسوخ لقتادة ص ٣٦، ولابن حزم الانصاري ص ٢٩، والبغدادي ص ١٨٩، وابن سلامة ص ٩٣، والإيضاح ص ١٨٢، وقلائد المرجان ص ٧٣ وقد حكى ابن حزم الظاهري الاجماع في هذه القضية، وهي نسخ الآية المتأخرة في التلاوة بالآية المتقدمة، قال: ولا يضر كون الآية المنسوخة في ترتيب المصحف في الخط والتلاوة- متقدمة في أول السورة، أو في سورة متقدمة في الترتيب ... ) اه الأحكام في أصول الأحكام (٤/ ٩٣). وممن مال إلى القول بالنسخ القرطبي (٣/ ١٧٤)، وابن حجر في الفتح (٨/ ١٩٤)، والسيوطي في الإتقان (٣/ ٦٥)، والزرقاني في مناهل العرفان (٢/ ٢٦١).
أما السخاوي فلم يرتضى القول بنسخها، وسيأتي كلامه ورده لدعوى النسخ قريبا بإذن الله.
(٣) أخرجه ابن جرير بنحوه عن الربيع. جامع البيان (٢/ ٥٧٩).
(٤) عبد الملك بن حبيب بن سليمان القرطبي، أبو مروان، عالم الأندلس وفقيهها في عصره (١٧٤ - ٢٣٨ هـ) الميزان (٢/ ٦٥٢)، والديباج ص ١٥٤ والأعلام (٤/ ١٥٧).
(٥) ذكره مكي عن ابن حبيب. انظر الإيضاح ص ١٨٣.
(٦) في بقية النسخ: يتأخر.
(٧) في ظق: توضع.
(٨) هكذا في الأصل: قيل ما نزل. تحريف. وفي بقية النسخ: قبل ما نزل. وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>