للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها زوجها كانت لها متعة، كما أن للمطلّقة متعة، فكانت متعة المتوفى عنها زوجها أن تخير بعد انقضاء العدة بين أن تقيم إلى تمام الحول، ولها السكنى والنفقة، وبين أن تخرج، يدلّ على صحة ذلك قوله عزّ وجلّ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ، أي لا تخرج إذا لم ترد، ثم قال تعالى: فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ، فأباح لها أن تخرج، ولو كانت العدة حولا لم يبح لها ذلك، ولم تكن مخيّرة فيه، ومن لم يفرّق بين هذا وبين قوله عزّ وجلّ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ ويميز «١» بين المكث الواجب كيف جاء بهذا اللفظ، وبين المكث الراجع الى الاختيار، كيف جاء باللفظ الآخر، فقد سلب آلة التمييز، بل الآية المتأخرة دالة على تقدم الأولى بقوله عزّ وجلّ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ.

أي فإن اخترن الخروج بعد بلوغ الأجل المذكور في الآية المتقدمة فلا حرج.

وقد قال مجاهد: إن الآية محكمة «٢»، ولها السكنى والنفقة من مال زوجها- إن شاءت-.

وإن قلنا: إن ذلك قد كان، ثم بطل بأنه لا وصية لوارث، فذاك موافق لما عليه الجمهور «٣».


(١) في د: ويميزه.
(٢) روى البخاري في صحيحه عن مجاهد وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ... قال: كانت هذه العدة، تعتد عند أهل زوجها واجب، فأنزل الله وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ، فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ.
قال: جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية، إن شاءت سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، وهو قول الله تعالى: غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فالعدة كما هي واجب عليها، زعم ذلك عن مجاهد ... ).
انظر: كتاب التفسير (٨/ ١٩٣)، بشرح ابن حجر، وأخرجه الطبري أيضا في تفسيره (٢/ ٥٨١). قال ابن حجر: والجمهور على خلافه، وهذا الموضع مما وقع فيه الناسخ مقدما في ترتيب التلاوة على المنسوخ اه.
(٣) أما الكلام بأنه لا وصية لوارث فقد سبق الحديث عنه عند قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ... (ص ٦٠١) من هذا الفصل فلينظر.
وأما وجه إيراد السخاوي لهذا فإنه يخدم ما ذهب إليه من عدم النسخ فكأنه يقول لا تعارض بين هذه الآية وبين سابقتها، فالسابقة في التلاوة في بيان العدة والمدة التي يجب عليها أن تمكثها، والآية

<<  <  ج: ص:  >  >>