للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث عشر: قوله عزّ وجلّ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «١»، قالوا: هذا ناسخ لقرآن كان يقرأ، نزل في الذين قتلوا يوم بئر معونة «٢» لأنهم لما أدخلوا الجنة، قالوا: يا ليت قومنا يعلمون بما أكرمنا ربّنا، فقال تعالى: أنا أعلمهم عنكم، فأنزل: (بلّغوا عنا قومنا أن قد لقينا ربّنا فرضى عنا ورضينا عنه) «٣».

روى مطرف عن مالك عن ابن شهاب عن أنس قال: فكان ذلك قرآنا قرأناه ثم نسخ بقوله وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً «٤»، وليس هذا من شرط الناسخ والمنسوخ، لأن ذلك لم يثبت قرآنا فينسخه هذا، ولو كان أيضا قرآنا يتلى لم يكن منسوخا، ولم يكن هذا ناسخا له، لأن ذلك خبر «٥».

الرابع عشر: قوله عزّ وجلّ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ «٦» قالوا: نسخها آية السيف «٧»، وليس هذا مما ينسخ «٨».


وليس هذا بقول من يفهم الناسخ والمنسوخ، فلا يعول عليه اه.
نواسخ القرآن ص ٢٤٦، وراجع زاد المسير: ١/ ٤٧٠.
(١) آل عمران (١٧٩) - (١٧٠).
(٢) بفتح الميم وضم العين، موضع في أرض بني سليم فيما بين مكة والمدينة. اه اللسان: ١٣/ ٤١١ (معن) وراجع سيرة ابن هشام: ٢/ ١٨٤.
(٣) أصل الحديث في صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الرجيع ٥/ ٤٢.
وفي مسلم كتاب المساجد باب استحباب القنوت في جميع الصلوات: ٥/ ١٧٨، بشرح النووي.
وأخرجه ابن جرير بنحوه دون ذكر النسخ. انظر: جامع البيان ٤/ ١٧٣، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن المنذر مع ذكر النسخ. الدر المنثور: ٢/ ٣٧٢. وراجع جامع الأصول: ٨/ ٢٦٠.
(٤) ذكره مكي بسنده ولفظه. انظر الإيضاح ص ٢٠٥.
وأخرجه البغوي بسنده عن قتادة عن أنس. معالم التنزيل ١/ ٣٧٦.
(٥) وقد تقدم مرارا ذكر هذا، أي أن الأخبار لا يدخلها النسخ، لذلك لم أقف على من ذكرها من علماء هذا الشأن ضمن الآيات التي أدعي فيها النسخ، إلا أن مكي بن أبي طالب ذكرها للرد على القول بنسخها، وتابعه السخاوي. انظر: الإيضاح ص ٢٠٥.
(٦) آل عمران (١٨٦).
(٧) ذكر هذا هبة الله بن سلامة ص ١٠٩، ولم أقف على من ذكر ذلك غيره، إلا أن ابن الجوزي ذكره عن قوم، وقال: الجمهور على إحكام هذه الآية لأنها تضمنت الأمر بالصبر والتقوى، ولا بد للمؤمن من ذلك اه نواسخ القرآن ص ٢٤٦.
(٨) فإنه لا تناقض بين الصبر والتقوى وبين قتال الأعداء، بل أن المؤمن مأمور بذلك في كل وقت وبخاصة عند لقاء العدو، ولا يخفى هذا على ذي لب.

<<  <  ج: ص:  >  >>