للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخشي العنت «١» «٢».

الثامن عشر: قوله عزّ وجلّ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ .. «٣»، قال قوم:

هذا ناسخ لقوله عزّ وجلّ فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ «٤» ولم يفرّق بين الإماء وغيرهن وليس كما ذكروا، ولم تكن الأمة داخلة في قوله عزّ وجلّ فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ، وإنما ذلك في الحرة «٥» بإجماع، ولا كان حد الأمة قط أكثر من خمسين، محصنة كانت أو غير محصنة «٦».

التاسع عشر: قوله عزّ وجلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً «٧».

قالوا: هذا تقديم وتأخير، وإنما المعنى: فعظهم واعرض عنهم، ثم نسخ الوعظ والأعراض بآية السيف «٨»، وليس كذلك، لأن آية السيف في قتال المشركين، وهذه الآية في أهل النفاق، وليس فيها تقديم ولا تأخير.

ومعنى فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ: دعهم لا تعاقبهم «٩»، واقتصر على وعظهم، والقول


(١) يقال: عنت فلان إذا وقع في أمر يخاف منه التلف، يعنت عنتا، والمراد به هنا: الزنا.
انظر المفردات للراغب ص ٣٤٩، وتفسير ابن العربي: ١/ ٤٠٧، والقرطبي: ٥/ ١٣٨.
(٢) ذكره مكي، وقال: ليس ذلك بمنسوخ، لأن الناسخ لا يكون متصلا بالمنسوخ، وإنما هو تخصيص وتبيين، بين الله جل ذكره أن الإباحة المتقدمة إنما هي لمن خشي العنت، ولم يجد طولا لحرة،
فبهذين الشرطين أرخص للمؤمن الحر في نكاح الإماء، فالآيتان محكمتان اه الإيضاح ص ٢١٩.
ولذلك لم يتعرض لذكرها ضمن الناسخ والمنسوخ سوى مكي- حسب اطلاعي- وتابعه السخاوي، والله أعلم.
(٣) النساء (٢٥) فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ... الآية.
(٤) النور (٢). الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ.
(٥) في د وظ: في الحر.
(٦) انظر: الإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخه ص ٢٢٠.
(٧) النساء (٦٣).
(٨) ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم ص ٣٤، وابن سلامة ص ١٣٥، ومكي ص ١٢٠، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص ٢٨١، وابن البارزي ص ٢٨، والفيروزآبادي ١/ ١٧٢.
وقد تولى المصنف- رحمه الله- الرد على دعوى النسخ فأحسن صنعا.
(٩) في بقية النسخ: ولا تعاقبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>