للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما قوله عزّ وجلّ خُذُوا حِذْرَكُمْ فمعناه: احذروا عدوكم، ولا تغفلوا عنه فيتمكن منكم، (والفرق) «١» إليه ثبات أي: جماعات، سرية بعد أخرى أو انفروا عسكرا واحدا.

وأما قوله عزّ وجلّ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً الآية، فاختلف فيه، فقيل:

نزل في قوم بعثهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعلّمون الناس الإسلام، فرجعوا إليه صلّى الله عليه وسلّم لما نزل قوله عزّ وجلّ ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ «٢» خشية أن يكونوا داخلين فيمن تخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله عزّ وجلّ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً هذا «٣» قول مجاهد «٤»، أي فهلا نفر من كل فرقة «٥» طائفة «٦» ليتفقهوا في الدين إذا رجع بعض المسلمين «٧» إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبقي بعض فإذا نفروا كلهم، لم يبق من يعلّم، فإذا رجع الذين تعلّموا من أهل البوادي إلى قومهم أخبروهم بما تعلّموا لعلّهم يحذرون مخالفة أمر الله، فليس هذا بناسخ لقوله عزّ وجلّ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً، لأن المعنى: إذا نفرتم إلى العدو فعلى احدى الحالتين، أما مجتمعين أو سرايا متفرقين () «٨» إذا غزوا وليس معهم النبي صلّى الله عليه وسلّم لينفروا كلهم وتركوه «٩»، لا يبقى منهم أحد فإذا بقي بعد النافرين قوم ونزل قرآن تعلّموه.


ذلك في ظاهره، أي الأمر بأن يخرجوا كلهم فليس فيه ما يدل على النسخ، ولكن حسبما يقتضيه الحال، فقد يطلب منهم النفير جميعا عند الحاجة، وقد لا يطلب منهم ذلك وآية التوبة تتفق مع قوله في سورة النساء فَانْفِرُوا ثُباتٍ أي عند الاكتفاء بطائفة منكم، فيكون على سبيل الفرض الكفائي. والله أعلم.
(١) في الأصل: رسمت الكلمة هكذا (والفرق).
وفي بقية النسخ (وانفروا) وهو الصواب.
(٢) التوبة (١٢٠).
(٣) في بقية النسخ: وهذا.
(٤) انظر: تفسير الطبري: ١١/ ٦٦، ومعالم التنزيل للبغوي: ٣/ ١٣٧ وزاد المسير ٣/ ٥١٧، وتفسير القرطبي: ٨/ ٢٩٢، والدر المنثور ٤/ ٣٢٤.
(٥) في ظ: كانت مضطربة هكذا: فلا نفر كل من فريقة.
(٦) كلمة (طائفة) ساقطة من ظق.
(٧) في بقية النسخ المعلمين. خطأ.
(٨) سقط من الأصل قوله: ولم يرد بقوله: جَمِيعاً لا يبقى منكم أحد. وقال ابن عباس وقتادة:
المعنى: ما كان المؤمنون ... الخ.
(٩) هكذا في النسخ، ولعل الأصح: ويتركوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>