للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فيكون قوله عزّ وجلّ في النساء فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ منسوخا بهذه؟ قلت:

آية النساء في قوم منهم بأعيانهم، وقد قيل في معنى قوله عزّ وجلّ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ لا تخبر بأسمائهم «١».

الرابع والعشرون: قوله عزّ وجلّ فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ «٢».

قالوا: نسخ بآية السيف «٣»، وليس كما قالوا، لأن هذه الآية إنما نزلت بعد الأمر بالقتال، ولكن (لما) «٤» تثبطوا عن القتال على ما ذكر (في) «٥» الآيات قبلها، وبيتوا غير ما قالوا من إظهار الطاعة، قال له الله عزّ وجلّ فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ولا تعتمد على نصرهم، فإن تخلّفوا عنك ولم يخرجوا معك فما كلّفت غير نفسك وحدها (وحرض المؤمنون)، أي وما «٦» يلزمك «٧» في أمرهم إلّا التحريض «٨»، وفي هذا تحريك لهم وإلهاب.

وقيل: دعاهم إلى الخروج إلى «٩» بدر الصغرى «١٠»، فكرهوا الخروج فخرج رسول


وراجع الدر المنثور: ٤/ ٢٣٩، وزاد المسير: ٣/ ٤٦٩، وتفسير القرطبي: ٨/ ٢٠٤، وابن كثير: ٢/ ٣٧١، قال ابن كثير:- عقيب ذكره للأقوال في ذلك- وقد يقال: إنه لا منافاة بين هذه الأقوال، لأنه تارة يؤاخذهم بهذا وتارة بهذا بحسب الأحوال، والله أعلم. اه.
(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن: (٥/ ٢٩٠).
(٢) النساء: (٨٤).
(٣) حكاه ابن سلامة ص ١٣٩، وابن البارزي ص ٢٨.
ورده ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص ١٨٤.
(٤) سقط من الأصل (لما).
(٥) سقط من الأصل في.
(٦) (وما) ساقط من د وظ.
(٧) في ظ: يلزك.
(٨) في د وظ: إلا تحريض.
(٩) في بقية النسخ: في بدر.
(١٠) وذلك أن أبا سفيان- بعد انتهاء معركة أحد- توعد المسلمين بالقتال في بدر من العام المقبل فوافق المسلمون على ذلك، وكانت بدر الصغرى في شعبان من السنة الرابعة، حيث خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى بدر وأقام عليه ثمانيا ينتظر أبا سفيان، لكن أبا سفيان خرج من مكة متوجها نحو بدر، ثم بدا له الرجوع، فرجع وكفي الله المؤمنين القتال. راجع البداية والنهاية لابن كثير: ٤/ ٣٩، ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>