للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال الله عزّ وجلّ في سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ، ثم قال عزّ وجلّ فيها: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها،

ثم قال بعد ذلك «١»: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ.

فإن قيل: إن قلت: إن هذه أخبار، والنسخ لا يدخل الأخبار، فما تقول في تعارضها؟.

قلت: قوله عزّ وجلّ فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها قد روى ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال في الآية هو جزاؤه إن جازاه «٢» وقال الطبري: جزاء القاتل جهنم حقا، ولكن الله يغفر ويتفضّل على من آمن به وبرسوله، فلا يجازيهم بالخلود فيها، فإما أن يغفر فلا يدخلهم، وإما أن يدخلهم ثم يخرجهم بفضل رحمته، وهذا خبر عام ولا يجوز نسخه «٣» اه وكذلك روى عن إبراهيم التيمي ومجاهد «٤».

وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كاف، وإنما أذكر هؤلاء لأن ذكرهم كالشهادة لصحة الحديث.

فإن قيل: فما تقول فيما تقدم ذكره عن ابن عباس؟

قلت: قد روى عاصم بن أبي النّجود عن ابن جبير عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: (هو جزاؤه إن جازاه) «٥».


(١) في بقية النسخ: ثم قال بعد ذلك أيضا.
(٢) لكن رفعه الله إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يصح. انظر: تفسير ابن كثير ١/ ٥١٧، وراجع الدر المنثور:
٢/ ٦٢٧.
قال مكي: وقد قال من اعتقد هذا: أن الله إذا وعد الحسنى وفي ولم يخلف، وإذا وعد بالعذاب جاز أن يعفو اه. الإيضاح ص ٢٣٣.
(٣) انظر: تفسير الطبري ٥/ ٢٢١، والإيضاح ص ٢٤١، وراجع تفسير ابن كثير: ١/ ٥١٧،.
(٤) انظر: الإيضاح ص ٢٣٣.
(٥) أخرجه أبو عبيد بنحوه عن عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس. الناسخ والمنسوخ ص ٥٥٦، وانظر: الإيضاح ص ٢٣٣.
قال البغدادي: قال ابن عباس: هذه الآية محكمة، ومعناها أن ذلك جزاؤه إن جازاه، ولكنه لا يجازي بالخلود في النار إلا الكافرين لقوله تعالى وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ الآية ١٧ من سورة سبأ.
وقال غيره: إن الآية منسوخة بقوله إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* اه الناسخ والمنسوخ ص ٢٠٣. وقال القرطبي: نص على هذا أبو مجلز لاحق بن حميد وأبو صالح وغيرهما اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>