للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً «١»، وقال: فلو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال لجاز أن يغفرها الله تعالى.

قال ابن عباس: وقد دعا الله عزّ وجلّ إلى مغفرته من قال عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ «٢» ومن زعم أن الله فقير «٣»، ومن زعم أن يد الله تعالى مغلولة «٤»، ومن زعم أنه عزّ وجلّ (ثالث ثلاثة) «٥» فقال «٦» عزّ وجلّ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «٧».

قال ابن عباس: وقد دعا الله عزّ وجلّ إلى التوبة من هو أعظم جرما من هؤلاء من قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى «٨»، وما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي «٩».

قال: ومن أيأس العباد من التوبة، فقد جحد كتاب الله تعالى، ومن تاب إلى الله تاب الله عليه.

قال: وكما لا ينفع مع الشرك إحسان، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين «١٠».


أي نصوا على أن ذلك جزاؤه إن جازاه وهو مستحق لذلك لعظيم ذنبه. وراجع تفسير الطبري ٥/ ٢١٧، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص ٢٩٥.
(١) النساء (١١٠).
(٢) التوبة (٣٠) وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ... الآية.
(٣) أي في قوله تعالى لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ الآية ١٨١ آل عمران.
(٤) أي في قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا ... الآية ٦٤ المائدة.
(٥) أي قوله تعالى حكاية عن النصارى لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ... الآية ٧٣ من سورة المائدة.
(٦) في د: فقال الله عزّ وجلّ.
(٧) المائدة (٧٤).
(٨) النازعات (٢٤).
(٩) القصص (٣٨) وكلا الآيتين تحكي قول فرعون.
(١٠) حكي هذه الأقوال مكي بن أبي طالب عن ابن عباس. انظر الإيضاح ص ٢٤٣.
قال ابن كثير: والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ، فإن تاب وأناب وخشع وخضع وعمل عملا صالحا، بدل الله سيئاته حسنات وعوض

<<  <  ج: ص:  >  >>