للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع عشر: قوله عزّ وجلّ: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ ... «١» الآية.

قال قوم: هي منسوخة بما حرّمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم «٢» - والآية محكمة، وحكمها باق، وما حرمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- مضموم إلى ما حرّمته الآية.

وقال قوم: إنها «٣» محكمة، وهي جواب قوم سألوا عما ذكر فيها، والذي حرم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- مضموم إليها «٤».

وقال سعيد بن جبير، والشعبي: هي محكمة، وأكل لحوم الحمر جائز «٥»، وإنما حرمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك الوقت لعلة ولعذر، قالا: وذلك أنها تأكل القذر.

مع ما أنه «٦» صلّى الله عليه وسلّم لم يحرّمه وإنما كرهه «٧».

وأقول- والله أعلم-: أن الآية محكمة، ومعنى قوله عزّ وجلّ قُلْ لا أَجِدُ فِي ما


(١) الأنعام (١٤٥). قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ... الآية.
(٢) قال النحاس: «قالت طائفة: «هي منسوخة، لأنه وجب منها- أي الآية- أن لا محرّم إلا ما قبلها، فلما حرم النبي- صلّى الله عليه وسلّم- الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، نسخت هذه الأشياء منها، وهذا غير جائز، لأن الأخبار لا تنسخ» أ. هـ من الناسخ والمنسوخ ص ١٧٥. وراجع صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ٩/ ٦٥٣ - ٦٥٧، وأحكام القرآن لابن العربي ٢/ ٧٦٤ - ٧٦٨.
(٣) في بقية النسخ: هي محكمة.
(٤) واستحسن هذا القول النحاس وصححه. قال: «وكل ما حرمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- مضموم إليها، لأنها إذا كانت جوابا فقد أجيبوا عما سألوا عنه، وثم محرمات لم يسألوا عنها، فهي محرّمة بحالها والدليل على أنها جواب، أن قبلها: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ، وهذا مذهب الشافعي» أ. هـ بتصرف يسير من الناسخ والمنسوخ ص ١٧٦.
(٥) في د وظ: جائزة.
(٦) هكذا في النسخ. ويظهر أن العبارة غير مستقيمة، ولعلّ الصواب (مع أنه) بدون (ما). والله أعلم.
(٧) اعتمد الإمام السخاوي في كلامه على هذه الآية على ما كتبه مكي بن أبي طالب في الإيضاح. فانظره بنصه أو قريب منه ص ٢٨٨ - ٢٨٩. هذا. وقد ساق النحاس الأحاديث المسندة والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين في هذه المسألة، ثم قال: وهذه الأحاديث كلها تعارض سنة رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم الثابتة عنه ... إلى أن قال: « ... والذي تأوله سعيد بن جبير يخالف فيه ... ومع هذا فليس أحد له مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجة ... أ. هـ الناسخ والمنسوخ ص ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>