للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان هذا تحريما ومنعا لم يجز أن يأخذ «١» الفداء، ولقتلهم وقت نزول هذه الآية، ولرجع عن قبوله، وقد قال عزّ وجلّ: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا «٢»، قيل: أراد الفداء، لأنه من جملة الغنائم، على أن هذه الآية قد أباحت المن وقبول الفداء بعد الإثخان، وآية القتال نزلت بعد الإثخان، فهما في معنى واحد، ولا نسخ «٣».

الثامن: قوله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا «٤».

واختلف «٥» في تفسير هذا. فقيل: معناه: ما لكم من ميراثهم من شيء حتى يهاجروا، أي أنهم لمّا لم يهاجروا لم يتوارثوا، فلا ميراث بين المسلم المهاجر والمسلم الذي لم يهاجر، ثم نسخ ذلك بقوله عزّ وجلّ: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ «٦»، أي أولى بميراث بعض «٧».

وقيل: كان المسلمون المهاجرون والأنصار يتوارثون، يرث بعضهم بعضا، وقيل لبث المسلمون زمانا يتوارثون بالهجرة، ولا يرث المؤمن الذي لم يهاجر، من قريبه المهاجر شيئا، فنسخ ذلك بقوله «٨» عزّ وجل: وَ «٩» أُولُوا الْأَرْحامِ «١٠» بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ «١١»،


(١) في ظ: أن يأخذوا.
(٢) الأنفال (٦٩).
(٣) وهذا هو الصحيح، وهو ما رجحه أبو عبيد، والنحاس، ومكي، وابن الجوزي انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص ٤٥٦، والنحاس ص ١٩٠، والإيضاح ص ٣٠٢، ونواسخ القرآن ص ٣٥٢.
(٤) الأنفال (٧٢).
(٥) في بقية النسخ: اهتلف.
(٦) الأحزاب (٦).
(٧) أخرجه الطبري عن ابن عباس. جامع البيان ١٠/ ٥٢. وانظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة ص ٤٣، وابن حزم ص ٣٩، والنحاس ص ١٩١ والإيضاح لمكي ص ٣٠٥.
قال مكي: فذكر هذه الآية- على قول قتادة- في الناسخ والمنسوخ: حسن، لأنه قرآن نسخ قرآنا، وذكرها على الأقوال الأخرى لا يلزم لأنها لم تنسخ قرآنا، إنما نسخت أمرا كانوا عليه أه المصدر نفسه.
(٨) في بقية النسخ: قوله.
(٩) سقطت الواو من ظ.
(١٠) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
(١١) رواه الطبري بنحوه عن قتادة. جامع البيان ١٠/ ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>