للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا «١» أمر من الله عزّ وجلّ لنبيه- صلّى الله عليه وسلّم- بالصبر في حال لم يكن فيها مطيقا لقتالهم، فليس بمنسوخ بآية السيف.

وقوله عزّ وجلّ: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ «٢»، قالوا: نسخ بآية السيف «٣».

وإنما المعنى: إنا أعطيناك المثاني والقرآن العظيم، فالذي أعطيناك أفضل من كل عطية، فلا تمدن عينيك إلى دنياهم، واستغن بما أعطيناك عما متعنا به صنوفا منهم «٤».

وقالوا في قوله عزّ وجلّ: وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ «٥» نسخ معناه بآية السيف دون لفظه، وليس كما قالوا، وذلك محكم لفظا ومعنى «٦».

وقالوا في قوله عزّ وجلّ: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ هذه الآية نصفها محكم، ونصفها منسوخ، وهو قوله عزّ وجلّ: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «٧»، وهذا كأنه نوع من اللعب!


يظهر الخلق الحسن، وأن يعاملهم بالعفو والصفح الخالي من الجزع والخوف» اه لباب التأويل ٤/ ٦٠.
قلت: وهذا هو الصحيح، فإنه لا تلازم بين كون هذه الآية مكّية وكونها منسوخة، فمن ذهب إلى قبول دعوى النسخ والسكوت عنه اعتمادا على مكّية الآية، وأن مشروعية القتال كان بعد الهجرة؛ فليس صحيحا، وبخاصة أن الله تعالى توعدهم- على أنه قد وقع منهم ما يقتضي الصفح عنهم- بعذاب في الآخرة، راجع النسخ في القرآن ٢/ ٥٣٧.
(١) في بقية النسخ: وهو.
(٢) الحجر (٨٨).
(٣) ذكره ابن حزم ص ٤٣، وابن سلامة ص ٢٠٥، وابن البارزي ص ٣٨، والفيروزآبادي ١/ ٢٧٤، والكرمي ص ١٢٩.
(٤) راجع تفسير الطبري ١٤/ ٦٠، ونواسخ القرآن ص ٣٨١، وزاد المسير ٤/ ٤١٦، وتفسير القرطبي ١٠/ ٥٦.
(٥) الحجر (٨٩).
(٦) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص ٤٣، وابن سلامة ص ٢٠٦، وناسخ القرآن لابن البارزي ص ٣٨. قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أن معناها نسخ بآية السيف، لأن المعنى عنده: اقتصر على الإنذار، وهذا خيال فاسد، لأنه ليس في الآية ما يتضمن هذا، ثم هذا خبر فلا وجه للنسخ اه نواسخ القرآن ص ٣٨١.
(٧) الحجر (٩٤).
وقد روي النسخ: ابن جرير الطبري في جامع البيان ١٤/ ٦٩ بسنده، عن ابن عباس،

<<  <  ج: ص:  >  >>