للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قرئ (فتنوا) بفتح «١» الفاء والتاء «٢»: أي فتنوا غيرهم عن دينهم، ثم أسلموا «٣» أو تابوا «٤».

الرابع: قوله عزّ وجلّ: وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «٥»، قالوا: هو منسوخ بآية السيف «٦».

وقيل: بل هي محكمة، والتي هي أحسن: اللين غير فظ غليظ ولا جاف.

وقيل: الانتهاء إلى ما أمر الله به ونهى عنه، وكل ذلك غير منسوخ «٧» وما زال يدعو إلى الله عزّ وجلّ بالرفق واللين، وما قاتل قوما قط إلّا «٨» دعاهم إلى الإيمان وعرضه عليهم وبيّنه لهم، وأما المفاجأة بالقتال من غير أن يقدم القول والدعاء إلى الإسلام، فلا، وكان أمره صلّى الله عليه وسلّم وحاله كما قيل:


(١) كلمة (بفتح) مكررة في د.
(٢) وبها قرأ ابن عامر. وقرأ غيره بضم الفاء وكسر التاء. الكشف ٢/ ٤١، والنشر ٢/ ٣٠٥. فقراءة ابن عامر بالبناء على الفاعل، أي: فتنوا المؤمنين بإكراههم على الكفر، وقراءة الباقين بالبناء للمفعول، أي: فتنهم الكفار بالتلفظ بالكفر، وقلوبهم مطمئنة بالإيمان. المهذب في القراءات العشر ١/ ٢٧٦.
(٣) في الأصل: أو تابوا. وفي بقية النسخ: وتابوا. وهي أصح.
(٤) نسب مكي هذا القول- أي نسخ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ... الآية- بقوله: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا ... الآية، نسبه إلى ابن حبيب، ورده وفنّده بما ملخصه: «وهذا لم يقله أحد غيره، وهو غلط ظاهر، فإنه خبر عن مجازاتهم، فلا يجوز نسخه، ولا يحسن من الآدميين. فكيف من علّام الغيوب تعالى الله عن ذلك»؟.
فالآية الأولى: نزلت في قوم أكرهوا على الكفر، وفي قوم شرحوا صدورهم بالكفر، وفي قوم كفروا بعد إيمانهم، والآية الثانية: نزلت في صنف آخر غير الصنف الأول، فالآيتان في أصناف مختلفة، يختلف الحكم فيهم وفي مجازاتهم، فلا ينسخ شيء منه شيئا اه من الإيضاح ص ٣٣٥.
(٥) النحل: (١٢٥).
(٦) قال ذلك النحاس ص ٢١٥، وابن سلامة ص ٢١٠، وابن البارزي ص ٣٨، والفيروزآبادي ١/ ٢٨٠، والكرمي ص ١٣٣، وحكي ابن حزم الخلاف فيها. انظر: الناسخ والمنسوخ له ص ٤٤.
(٧) حكي مكي النسخ. ثم قال: «وقيل هو محكم، والمجادلة بالتي هي أحسن: الانتهاء إلى أمر الله به، والكف عما نهى الله عنه، وهذا لا يجوز نسخه، فالآية محكمة» أه. الإيضاح ص ٣٣٦.
وكذلك حكاه ابن الجوزي ورده بنحو ما ذكره مكي، والسخاوي.
انظر: نواسخ القرآن ص ٣٨٧، وراجع تفسير القرطبي ١٠/ ٢٠٠.
(٨) في بقية النسخ: حتى دعاهم. وهي الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>