للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أناة فإن لم تغن أردف بعدها ... وعيدا فإن لم يغن أغنت صوارمه»

«١».

الخامس: قوله عزّ وجلّ: وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ... «٢»، قالوا: نسخ الصبر بآية السيف «٣».

ولا يصح ما قالوه، لأنه قد قال عزّ وجلّ قبلها: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ «٤»، فما نزلت إلّا بعد الأمر بالقتال، وكان المسلمون قد عزموا على المثلة بالمشركين لما (فعلوا المشركون) «٥» يوم أحد بحمزة- رحمه الله- وغيره من المسلمين «٦»، وقالوا «٧»: لنمثلنّ بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب «٨»، فقال لهم الله عزّ وجلّ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ «٩» لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ، إما «١٠» عن المثلة المماثلة لما فعل بكم، وإما عن تركها رأسا، والاقتصار على


(١) البيت لإبراهيم بن العباس الصولي، وهو كلام موجه إلى بعض البغاة الخارجين عن أمير المؤمنين، يتهددهم ويتوعدهم، وهو كلام- مع وجازته- في غاية الإبداع. انظر: ديوانه ضمن الطرائف الأدبية ص ١٧٩ والأغاني ١٠/ ٤٢، ووفيات الأعيان ١/ ٤٤، ومعجم الأدباء ١/ ١٨٨.
والصوارم: جمع صارم، وهو السيف القاطع. اللسان ١٢/ ٣٣٥ (صرم).
(٢) النحل (١٢٧).
(٣) قاله ابن سلامة ص ٢١٠، وابن البارزي ص ٣٨، وذكره مكي ضمنا. انظر الإيضاح ص ١١٩. وحكى ابن حزم الخلاف فيها. انظر: الناسخ والمنسوخ ص ٤٤.
قال ابن الجوزي: هذه الآية متعلقة بالتي قبلها، فحكمها حكمها، وقد زعم بعض المفسرين أن الصبر هاهنا منسوخ بآية السيف اه. نواسخ القرآن ص ٣٨٩، وكان ابن الجوزي قد حكي قولين للمفسرين في الآية التي قبلها- وهي قوله تعالى: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ... الآية- أحدهما: أنها نزلت قبل (براءة) فأمر رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- أن يقاتل من قاتله، ولا يبدأ بالقتال ثم نسخ ذلك، وأمر بالجهاد، قاله ابن عباس والضحاك ...
والثاني: أنها محكمة، وأنها نزلت فمن ظلم ظلامة، فلا يحل له أن ينال من ظلامة أكثر مما نال الظالم منه، قاله الشعبي والنخعي وابن سيرين والثوري، وعلى هذا القول يكون المعنى: ولئن صبرتم على المثلة لا عن القتال، وهذا أصح من القول الأول اه المصدر نفسه.
(٤) النحل: (١٢٦).
(٥) هكذا في الأصل: لما فعلوا المشركون. وفي بقية النسخ: لما فعل المشركون وهي الصواب.
(٦) في د: من المسلمون!.
(٧) في د وظ: قالوا: بدون واو.
(٨) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٢١٣.
(٩) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
(١٠) في ظ: ما عن المثلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>