للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ ... وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «١».

وقال آخرون: هو منسوخ بقوله عزّ وجلّ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «٢»، وليس ذلك بصحيح، فإن الله عزّ وجلّ قال: إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ*، وقال في الأخرى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ.

الثالث: قوله عزّ وجلّ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا «٣»، قالوا: نسخ بآية السيف، وقد تقدم الكلام على مثله «٤»، وإنّما الرسول صلّى الله عليه وسلّم مبلغ، وليس بوكيل، وليست الهداية إليه.

الرابع: قوله عزّ وجلّ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها «٥» وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا «٦».

زعموا أن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: هي منسوخة بقوله عزّ وجلّ: في الأعراف وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً «٧» الآية، أي أنه أمر في (سبحان) أن لا يخافت


(١) البقرة (٢٢٠) ... وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ... الآية.
(٢) النساء (٦). ... وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ... الآية.
وقد أورد دعوى النسخ قتادة ص ٤٥، ونقله عنه الطبري: ١٥/ ٨٤ والنحاس ص ٢١٧، ونقله مكي عن مجاهد. انظر: الإيضاح ص ٣٣٩ ثم قال مكي: والذي يوجبه النظر وعليه جماعة من العلماء أنه غير
منسوخ لأنه قال تعالى إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ* ففي هذا جواز مخالطتهم بالتي هي أحسن وهو قوله وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ فكلا الآيتين يجوّز مخالطة اليتيم، فلا يجوز أن تنسخ إحداهما الأخرى لأنهما بمعنى واحد ... اه. وكذلك رد ابن الجوزي دعوى النسخ وشدد النكير على القائلين به ورماهم بالجهل. انظر نواسخ القرآن ص ٣٩٢ قلت: وقد تقدم مثل هذا في الموضع الخامس عشر من سورة الأنعام ص ٧٠٤.
وأما الكلام على معنى قوله تعالى فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فقد سبق أيضا في الموضع الثاني والسادس من سورة النساء ص ٦٤٦، ٦٥١.
(٣) الإسراء (٥٤).
(٤) راجع الكلام على الموضع الثاني من سورة آل عمران، والموضع الثاني والعشرين من سورة النساء، والموضع الثاني والثامن، والموضع السادس من سورة يونس.
(٥) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
(٦) الإسراء (١١٠). وكان ينبغي أن تكون هذه الآية هي الموضع السادس والأخير من السورة حسب ترتيب الآيات، لكن المصنف لم يلتزم بذلك.
(٧) الأعراف (٢٠٥). ولفظة (تضرعا) ليست في بقية النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>