للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك يقول ابن عمر: إنها «١» منسوخة بجواز نكاح الزانية، وسالم «٢» وجابر بن زيد وعطاء وطاوس ومالك وأبو حنيفة «٣».

والقول بأن الآية منسوخة: يوجب أن الزاني كان محرّما عليه أن ينكح عفيفة ولا يجوز له أن ينكح إلّا زانية أو مشركة، وأن الزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك، وادعاء ذلك ليس بالهين، ومتى أباح الله عزّ وجلّ نكاح المشركات غير الكتابيات لزناة المسلمين؟ ومتى أباح الله للزانية المسلمة أن تنكح المشرك؟ فهذا القول واه ظاهر السقوط «٤».

ثم أن قوله عزّ وجلّ: وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: يوجب على هذا القول أن يكون الزاني والزانية غير المشركين، أن يكونا غير مؤمنين.

وقال مجاهد وقتادة والزهري: هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين أرادوا نكاح مومسات «٥» معلوم منهن الزنا في الجاهلية «٦» اه.

وقال ابن عمر- رضي الله عنه- استأذن رجل من المؤمنين النبي صلّى الله عليه وسلّم في نكاح امرأة يقال لها: أم مهزول، اشترطت له أن تنفق عليه، وكانت تسافح «٧».

والآية «٨» لا تطابق ما ذكروه، فكيف يكون سببا لنزولها؟ وكان ينبغي على ما ذكروه أن يكون أول الكلام: المؤمنون لا ينكحون الزواني، وفي ذلك أيضا ما ذكرته فيما سبق.


(١) في بقية النسخ: هي.
(٢) أي وكذلك يقول سالم ومن عطف عليه.
(٣) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٢٢٩، وراجع الإيضاح لمكي ص ٣٥٩ وتفسير القرطبي:
١٢/ ١٦٩.
(٤) في ظق: البطلان.
(٥) في ظ: حرفت الكلمة إلى (المؤمنات) وهو تحريف قبيح.
(٦) ذكره عنهم ابن جرير الطبري في جامع البيان: ١٨/ ٧٣.
(٧) رواه الطبري والنحاس بسنديهما عن عبد الله بن عمرو، قال النحاس: وهذا الحديث من أحسن ما روي في هذه الآية .. اه انظر جامع البيان ١٨/ ٧١، والناسخ والمنسوخ ص ٢٣١ وراجع أسباب النزول للواحدي ص ١٨٠، وأحكام القرآن لابن العربي ٣/ ١٣٢٨، وتفسير القرطبي:
١٢/ ١٦٨. والدر المنثور ٦/ ١٢٨. قال الكيا الهراسي الشافعي: فأقوى التأويلات أن الآية نزلت في بغايا الجاهلية، والمسلم ممنوع من التزوج بهن، فإذا تبن وأسلمن: صح النكاح وإذا ثبت ذلك فلا يجب كونه منسوخا اه. أحكام القرآن ٢/ ٢٩٦.
(٨) كلمة (الآية) مكررة في ظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>