للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن «١» المراد بالنكاح: الوطء. أي أن الزاني من أهل القبلة لا يزني إلّا بزانية مثله من أهل القبلة أو بمشركة، والزانية من أهل القبلة لا تزني إلّا بزان مثلها من أهل القبلة أو بمشرك وَحُرِّمَ ذلِكَ أي وحرّم الزنا على المؤمنين.

واختار هذا القول الطبري، وقال في قوله عزّ وجلّ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: أي وحرّم على المؤمنين نكاح المشركات الوثنيات، وعلى المؤمنات نكاح المشركين «٢»، وليس هذا القول بمستقيم، وأي فائدة في الإخبار بأن الزاني لا ينكح إلّا زانية أي لا يطأ إلّا زانية؟ وفي أن الزانية لا يطأها إلّا زان «٣»؟.

ورد «٤» قوم من العلماء القول بأن المراد بالنكاح: الوطء بقوله عزّ وجلّ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

وقالوا «٥»: هو محرّم على المؤمنين وغيرهم. وإنما المراد بالنكاح: التزويج «٦» أي وحرّم نكاح البغايا والزناة، وهذا الرد غير سديد، لأنه لا يلزم من قوله عزّ وجلّ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أن يكون مباحا لغيرهم، وقد قال عزّ وجلّ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ «٧» وحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ «٨» الآية، وإنما ردّه بما ذكرته.


(١) أن: ليست في بقية النسخ.
(٢) انظر نص كلام الطبري في جامع البيان: ١٨/ ٧٥، وهو بنصه أو قريب منه في الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٢٣٠، والإيضاح ص ٣٦٠، وراجع أيضا الجامع لأحكام القرآن للقرطبي:
١٢/ ١٦٧.
(٣) قال ابن العربي: بعد أن أورد الأقوال في الآية- والذي عندي أن النكاح لا يخلو من أن يراد به الوطء كما قال ابن عباس أو العقد، فإن أريد به الوطء فإن معناه: لا يكون زنا إلا بزانية وذلك عبارة عن أن الوطئين من الرجل والمرأة زنا من الجهتين، ويكون تقدير الآية: وطء الزنا لا يقع إلا من زان أو من مشرك، وهذا يؤثر عن ابن عباس وهو معنى صحيح. فإن قيل: وأي فائدة فيه وكذلك هو؟
قلنا: علمناه كذلك من هذا القول، فهو أحد أدلته اه أحكام القرآن: ٣/ ١٣٣٠.
(٤) كلمة (ورد) مطموسة في ظ.
(٥) في بقية النسخ: وقال.
(٦) قال القرطبي: وقد روي عن ابن عباس وأصحابه أن النكاح في هذه الآية: الوطء.
وأنكر ذلك الزجاج، وقال: لا يعرف النكاح في كتاب الله تعالى إلا بمعنى: التزويج وليس كما قال. وفي القرآن حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ الآية ٢٣٠ من سورة البقرة.
وقد بينه النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه بمعنى: الوطء اه من تفسيره: ١٢/ ١٦٨.
(٧) المائدة (٣).
(٨) النساء (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>