للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صاحب الكشاف في هذه الآية: الفاسق: الخبيث الذي من شأنه الزنا والتقحب «١» «٢»، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء، واللاتي على خلاف صفته وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله أو مشركة «٣»، والفاسقة الخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها وإنما يرغب فيها من هو في شكلها من الفسقة أو المشركين، ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة (المتّسمون) «٤» بالزنا: محرّم عليه محظور، لما فيه من التشبه «٥» بالفساق وحضور موقع التهمة، والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة وأنواع المفاسد، ومجالسة الخطّاءين، كم فيها من التعرض «٦» لاقتراف الآثام فكيف بمزاوجة الزواني والقحاب «٧»؟! وقد نبّه الله «٨» تعالى «٩» على ذلك بقوله وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ «١٠» اه.

وقد قال هذا، وهو يحسب أنه قد قال شيئا! ومتى كان الزاني لا ينكح إلّا زانية أو مشركة؟ بل الزاني المتوغل في الزنا أكثر غيرة من غيره، ألا ترى إلى قولهم: (بقدر العفة تكون الغيرة) «١١»، فهو لا يرضى لنفسه أن تكون قعيدة بيته إلّا في أبلغ درجات التصون «١٢»، وتراه يتخيل من أدنى «١٣» شيء لما عرفه من أحوال الزناة، ولهذا أجاز


(١) حرفت في ظ إلى (التعجب).
(٢) أي التمثل بالقحبة البغي، لأنها كانت في الجاهلية تؤذن طلابها بقحابها، وهو سعالها. اللسان:
١/ ٦٦١ (قحب).
(٣) في الكشاف: أو في مشركة.
(٤) هكذا في الأصل: المتسمون. وفي ظ: بالمتسمين.
وفي ظق ود (المتسمين) وهي الصواب.
(٥) في ظق: من التشبيه.
(٦) في ظ: حرفت الكلمة إلى (التعوض).
(٧) في د وظ: الفجار.
(٨) لفظ الجلالة ليس في بقية النسخ.
(٩) كلمة (الله تعالى) ليست في الكشاف.
(١٠) الكشاف للزمخشري: ٣/ ٤٨.
(١١) مثل عربي لم أستطع العثور عليه.
(١٢) في ظ: حرفت الكلمة إلى (التصوم).
(١٣) في د: أنى شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>